غصة لم تستجب للصمت
يذكر في التاريخ أن عقيلا جاء عليا عليه السلام ذات يوم طالبا منه زيادة مادية من بيت مال المسلمين ، وقد أحمى له سيخا ، وأدناه منه مولانا علي ، أحس بحرارته ، استنكر ، فأجابه : لقد أعطيتك ما تستحق ، فهل تريدني في يوم القيامة ألاقي هذا ، اقتنع عقيل بذلك .
لقد ذكرنا في مقال سابق عن التحابي العاطفي بأنه الشعرة التي قصمت ظهر البعير ، وهنا نسترسل .
أحيانا يكون التحابي العاطفي يختص بما حولنا من شخصيات نتعامل معها ، فنحابي هذا ولا نحابي هذا تحت قاعدة " مصلحتي أولا " ، وأحيانا أخرى يكون التحابي العاطفي يختص بالذات ، بمعنى أننا نحابي ذواتنا ، فنضعها في الخانة الأولى ، والآخرون لا خانة لهم إلا إذا كان هناك قليل من التواضع ، فإننا نضعها في الخانة قبل الأخيرة " يسلم لي هذا التواضع " ، نعم ، لهذا نعطي أنفسنا كل الصلاحية في كل شيء في أن نكون خطباء نمارس القول ، والفعل الديني ، في أن نكون حكماء نصب على مسامعهم أنواع الحكمة الارستقراطية ، في أن نكون حماسيون نؤطر نظريات حماسية على عدد شعيرات رؤوسهم ، في أن نكون نحن المخلصون نزج بالترهات بعمق آذانهم ، صراخ في صراخ كأنما القوم صمخ ، ويعانون خللا في السستم السمعي " عقد نفسية بامتياز " .
إن اختلاط المفاهيم مشكلة كطبق من البروستد في نهار شهر رمضان .
إن الإنسان الذي يؤمن بمساحة الصلاحيات التي بحوزته ، ويلتزم بها يكون إنسانا بحق ، وما عدى ذلك فالنتيجة يحسبها القارئ الفطن ، عذرا فأنا لا أفقه لغة الأرقام ، ولست متمرسا في مادة الحساب .
إننا إذا عرفنا قدر الصلاحية لدينا فإننا بلا شك سوف نندمج مع الآخر نفسيا ، وفكريا ، واجتماعيا ، ويكون التعاون إيجابيا بلا شك ، أما إذا كنا نتعدى خصوصياتنا ، ونقتحم تطفلا خصوصيات الآخرين ، ونجلس عند كل نافذة نطل وقت ما نريد ، ونخبو وقت ما نربد ، كأنما نحن استراحات منصوبة بجانب الطرق ، نوقف السيارة ، لنستريح فليلا ، ونبث ما بجعتنا ، ونزودها بالوقود ، ثم نغادر ، هذه هي الفلسفة الخنفوشارية .
إن البعض قد يعاني عقدا نفسية في أنه إذا تألم ، فإنه يسمع الدنيا بأكملها " لا يا الحبيب مو هيك شو بنا " ، هناك من ليس في دائرة الزئبق ، فدعه يرتشف كوبا من النسكافيه في دقائقه ، ويستمتع في ملاعبة أطفاله " لكان شو بدنا ، ما بدنا قلق ابليز " .
همسة : للآخرين حق بأن لا تقلق أوقاتهم بما لا يعنيهم .