من وحي كربلاء
السلام عليك يا أبا عبد الله وعلى الأرواح التي حلت بفنائك عليك مني سلام الله أبدا مابقيت وبقي الليل والنهار ولا جعله الله أخر العهد مني لزيارتكم .
أفديك بنفسي وروحي وأهلي ومالي وما أملك يا أبا عبد الله نهضتك وثورتك انتصار النفس المطمئنة على النفس الأمارة وتيقنت أني في حلقة ولائية حسينية لا أستغني عنك ،شمعة أنت أوقدتها دموعي المنهمرة لمصابك وطيف عشق زانه حنين الشوق لزيارتك ومناجاتك، سيدي تبكيك عيون شيعتك وقد أمطرت السماء دما لمصابك .
سوف يبقى النداء من عام إلى عام ومن يوم إلى يوم وفي كل ساعة وعبر كل قناة وفي كل وقت ومن الجميع بصوت واحد لبيك ياحسين.
سيدي تفديك الأرواح يا حسين , ياقبله أرواحنا ، في عباداتنا نتوجه بقلوبنا إلى الكعبة وبأرواحنا نتوجه إليك.
ونحن نتأسى بمأساة الذكرى السنوية الأليمة لاستشهاد الإمام الحسين بن علي (عليهما السلام) في العاشر من محرم الحرام من العام 61هجريه يجب علينا أن نتذكر ونذكر المسلمين جميعا بأهم الأسباب التي تدعونا لإحياء هذه المناسبة واقامةالمآتم الحسينية في كل عام لكي نجعل منها منطلقا نحو تجديد الولاء لآل البيت الأطهار ولخط الإسلام المحمدي الأصيل.
لو نظرنا إلى قضية استشهاد الإمام الحسين فإنها قضية في شكلها كثوره إنسانيه في إطار الطبيعة العقائدية لاستشهاده عليه السلام منهج تضحية وآصاله تحمل كل معاني الرسالة ألمحمديه الطاهرة، ومن هنا يجب أن يكون التساؤل ليس في الكيفية التي قتل فيها الأمام الحسين عليه السلام.
فمن أين أبدا , وكيف أنتهي وقفت حائرا أمام أسطورة الوجود ، عجبي لماء الفرات ،كيف لم يتحول علقما مرا، وقد منعوك من شرب الماء ياسيدي ، عجبي يافرات ، لازلت تجري إلى الآن ، ألم تستحي يانهر الفرات ، وأنت تتمايل يمنيا وشمالا ، وقد رأيت الحسين عليه السلام و قد نزل بك وأبى أن يشرب حتى يشرب فرسه ،حتى رفع رأسه حياءً وآبا أن يشرب دون الحسين،وعندها سمع الحسين الأعداء ينادوه ياحسين أتشرب الماء وقد هجموا على الخيام رمى الماء واعرض عنه هكذا علمنا الحسين الحفاظ على المبادئ والقيم الإسلامية بغيرته هذه على الحرم من النساء والأطفال.
ماذا أذكر ياسيدي في يوم الدموع وأي موقف أتذكر ،وأنا أجول بمخيلتي في أرض الطفوف وإذا بي أرى كفا مقطوعةً وهي قابضةٌ على الراية ، وفي أشد قبضتها ، إنها قبضةُ حيدر إنها الكف التي قبّلها الأمام علي عليه السلام حينما كان العباس طفلا ،ماذا اذكر ياسيدي وبعد ذلك وفي كربلاء وأنت تنحني مكسور الظهر بعد مصرعه وقد هلل الجيش وكبر.
ماذا أتذكر حينما في تلك اللحظة اقترب غلاما لم يبلغ الحلم وهو يردد في مسامع الإمام الحسين (عليه السلام) (لبيك، لبيك يا سيدي، هاأنا بين يديك). نظر الإمام الحسين (عليه السلام) إلى ابن شقيقه الإمام الحسن. لقد كان القاسم ابن الأربع عشر سنة، سقطت دموعه وراح ينظر إليه مرة أخرى نظرة الوداع الأخيرة وبعد أن استأذن القاسم من عمه لمقاتلة الأعداء وأذن له سيد الأحرار الإمام الحسين (عليه السلام).
ماذا أتذكر في خروج شبل الحسين علي الأكبر للقتال، خرجت روح الحسين عليه السلام من الحزن والبكاء والإنكسار بقلبه عليه السلام وكان الحسين في حالة يرثى لها، ففقد الأبناء عظيم على قلوب الآباء وخاصة إن كان إبن مثل علي الأكبر أشبه الناس بجده المصطفى، نعم في تلك الحالة جرت دموع الوداع بين الإمام الحسين المظلوم وبين ولده الذي آلمته نار العطش والتي كانت تستعر بقلبه، وقد وقف أمام أبيه الحسين واستأذنه بالخروج
فنظر إليه نظرة آيس منه، وأرخى عليه السلام عينه وبكى.
ثم قال: (اللهم اشهد، فقد برز إليهم غلامٌ أشبه الناس خلقاً وخلقاً ومنطقاً برسولك صلى الله عليه وآله، وكنا إذا اشتقنا إلى نبيك نظرنا إليه)فصاح وقال (يابن سعد قطع الله رحمك كما قطعت رحمي).مادا اتذكر وانت تحمل طفلك الرضيع الى الطغاة وهو عطشان وانت تقول يا قوم ، إن لم ترحموني فارحموا هذا الطفل، فبين ماهو يخاطبهم إذا أتاه سهم فذبح الطفل من الأذن إلى الأذن.
فجعل الإمام الحسين (عليه السّلام) يتلقّى الدم حتّى امتلأت كفّه ورمى به إلى السماء ، وخاطب نفسه قائلاً ( يا نفس , اصبري واحتسبي فيما أصابك) بعد دلك قام الإمام و حفر الأرض ودفن طفله الرضيع تحت التراب.
مادا أتذكر في كربلاء و حسين أبي الأحرار ورمز العزة والإباء في الميدان وحيدا ،قذفوه على جبينه حجارة وسالت منه دمائه، ووقف يمسح ذلك الدم وادا بالسهم المثلث يخترق قبله الطاهر، وبعد سقوطه ظل فرسه يحوم حوله ويصرخ الظليمة من امة قتلت ابن بنت نبيها.
سيدي ياحسين .ونحن نقرأ في الزيارة الناحية والإمام الحجة يقول: والذي سوف يطلب بثأرك ، حيث قال عليه السلام( قد عجب من صبرك ملائكة السماوات ،فأحدقوا بك من كل الجهات، وثخنوك بالجراح وحالوا بينك وبين الرواح ولم يبقى لك ناصرا وأنت محتسب صابر اجل ياسيدي تذب عن حرم رسول الله فهويت إلى الأرض جريحا تطأك الخيول بحوافرها ، وتعلوك الطغاة ببواترها،قد رشح للموت جبينك واختلفت بالانقباض والانبساط شمالك ويمينك ، تدير طرفاً خفياً إلى رحلك وأهل بيتك، وقد شغلت بنفسك عن ولدك وأهاليك ،إلى أن أسرع فرسك شارداً إلى خيامك محمحماً باكياً، فلما رأين النساء جوادك مخزيا والسرج عليه ملويا خرجنا من الخدور ناشرات الشعور على الخدود لاطمات وبالعويل داعيات والى مصرعك مبادرات والشمر جالس على صدرك ومولع سيفه على نحرك قابض على شيبتك ذابح لك بمهنده نحرك قد سكنت حواسك وخفيت أنفاسك ورفع على القناة راسك.
يامولااي وقد عادت لنا كربلاء من جديد ونحن في رحابها هذه الأيام وعيون الأعداء والحاقدين تتربص بنا بأعلامها وأقلامها عادت بأيامها ولياليها فهي لازالت باقية في عقولنا وقلوبنا على مدى الدهر ،كل يوم تتجدد فينا الذكرى الأليمة .
وعادت لنا كربلاء لتنهض بنا من جديد ولتزرع بنا الحب الإلهي، والخُلق المحمدي ، والصبر الحسني، والجهاد الحسيني ،والصرخات الفاطمية. كربلاء أنتِ صرخة في أفاق السماء ، كربلاء أنتِ نداء الحرية والكبرياء ، كربلاء أنتِ رمز الأحرار والعظماء، كربلاء أنتِ كنز ومعاجز وبركات الأنبياء .نتذكر منك تلك الأيام والتي استشهد فيها محبيك في أيام عاشوراء الدم عندما سقط المئات من الشهداء الأبرار شهداء لتضحية للدفاع عن المبدأ والعقيدة وهم عزل لم يرتكبوا ذنبا ولا جريمة.
وعادت لنا كربلاء لتحطم كل القيود الدنيوية،ولتحطم كل الأهواء المنحرفة،ولتحطم كل الإغراءات الغربية،و لتبين لنا وتسقط جميع تلك الأقنعة المزيفة وتلك الأقلام الحاقدة والأصوات القبيحة التي تردد في كل عام بأصوات نشاز لا احد يفهمها أو يرد عليها غير هذه الصرخات ابد والله يازهراء ماننسى حسيناه،و لتقول أن معسكر الحسين عليه السلام لازال باقيا ترفرف رايته على قبته التي يستجاب من تحتها الدعاء .
وسوف تبقى متواجدة عند أنصار الحسين في كل مكان من بقاع الأرض مهما حاولوا بكل الوسائل العدائية لأهل البيت فلن ينالوا إلا الخيبة وسوف تنعكس عليهم حتى تسلم إلى منقذ البشرية سيدنا ومولانا الحجة بن الحسن عجل الله تعالى فرجه الشريف.
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أنصار الحسين.
وعظم الله لكم الأجر في هذا المصاب الأليم مصاب سيد الأحرار ومدرسة العقيدة والمبدأ والإنسانية والعدالة.