وهل نال مانالهُ "أسد كشمير" !
تطرقت في مقال سابق بعنوان " يا شيخ : أخشى عليك أن تُصبح كــ " أسد كشمير" !" عن شخصية الشيخ محمد عبدالله ( ١٩٠٥م - ١٩٨٢م) ومدى التشابه الذي وجده آنذاك سماحة السيد محمد الحسيني الشيرازي - رضوان الله تعالى عليه - بين هذه الشخصية وشخصية معاصرة كانت تتقاطع في كثير من الصفات مع "أسد كشمير" ، حيث حذره لمّا رأى ماعليه من ميل للتنازل وحماس ورغبة جامحة في الزعامة والتغيير ولو كان على حساب العقيدة والمبادىء ، ومع ما يحمله من تأثرات بمدارس فكرية منحرفة لا تضع الدين أولوية ، وما نراه الآن من تلك الشخصية من كثرة التقلب والتلون ، ومن ثم التشكيك بالمعتقدات والثوابت ، هو بلا شك يدل على أن هذه الشخصية وقعت فيما حذره السيد الشيرازي - رضوان الله تعالى عليه - ولكن هل نال بهذا الصنيع ماناله فعلاً "أسد كشمير" !
فهذه الشخصية كما هو واضح للعيان وبمقارنة بسيطة لم تنل جزءً يسيراً مما ناله الشيخ محمد عبدالله من قِبل الحكومة المعاصرة ، فبالرغم من إنه لم يسجن ولم يعذب كما حدث ذلك للشيخ محمد ولكنه لازال يقدم كثيراً من التنازلات ويشكل مزيد من التحالفات وإن كان في ذلك مفسدة وضرب للنسيج الإجتماعي الذي ينتمي إليه .
فهو تراه في كل محاضرة أو لقاء يدعو للحوار والتصالح والإنفتاح على الآخر الذي يكفره ويكفر المجتمع الخارج منه والمتحدث بإسمه! ، ويقدم فوق ذلك بعض المعتقدات والمبادىء قرباناً على مذبح مايسعى له من "مشروع" دون أن نرى طائلاً أو واقعاً ملموساً في هذا التواصل أو التصدي طيلة الـ ٢٠ عاماً لذلك "المشروع" المزعوم .
فبعد فشل مايطلق عليه بالمشروع السياسي الذي يتغنى به هو ومريديه وعدم إحرازهم أي تقدم في هذا الصدد لكونهم مراهقين في هذا المجال ، وعدم إستطاعتهم من خلال هذا النهج الذهاب بعيداً ، فلم يجدو سبيل إلا السعي لإرضاء الآخر وذلك بإقحام بعض العقائد والشعائر سعياً في إرضاء الأخر ولكنهم بهذا الفعل نالو سخط قاعدتهم الشعبية الخارجين منها عطفاً على أنهم لم ينالوا رضا الطرف المخالف من سلفيين .
ولكنهم واصلوا وأصروا على المضي قُدماً في "مشروعهم" وبدأت وبشكل ملحوظ تتآكل القاعدة الشعبية التي يرتكزون عليها فلم يعد لهم وزناً سواء عند المخالف أو النسيج الإجتماعي الخارج منه !
فـ "أسد كشمير" أقلها نال في ظل الحكومة الهندوسية منصباً وأصبح رئيساً للوزراء ولو شكلياً على منطقة كشمير ولكن هذه الشخصية وحلفائها لم ينالو حتى منصباً شرفياً ، على الرغم من كونهم يلهثون طيلة الـ ٢٠ عاماً لنيل هذا المنصب ، ولكن الجهات المسؤولة أيقنت أنهم شخصيات متلونة كثيرة التقلب وشعبيتهم تتآكل في مجتمعهم لذلك لم تقم لهم وزناً ، بل إن الحال وصل بهم ليستجدون لقاء مع أي مسؤول وإن اضطر ذلك لإحتجازهم في فندق لأسابيع !
والمضحك عندما تتناقش مع رؤوس القوم حول ماهي رؤيتهم السياسية الحالية للأحداث المحلية فيقولون إن نهجنا يقتصر الآن فقط على تفعيل الجانب الحقوقي ! ، ويطالبون المجتمع بل وحتى المرجعيات الدينية لمراسلة المسؤولين لتخفيف الضغط على شيعة الداخل ! ، فهل أفلستم وأصبحت رؤيتكم ومشروعكم السياسي يقتصر على هذا الجانب فقط !؟ ، وأصبحتم تطالبون المرجعيات بالتدخل ؟ عجيب ! ، أنسينا عندما تدخلت بعض القيادات الإقليمية وتحدثت ووقفتم انتم ضد هذا التدخل وقلتم بأنكم وجوقة النخب من حولكم أدرى بشؤون المنطقة !
وهل نسينا أيضاً هجومكم الموسمي على المراجع والعلماء وسعيكم الحثيث على فك التفاف الناس حولهم ! ، فهذه الشخصية قالت يوماً ما "إننا وصلنا لنضج سياسي يغنينا عن اتباع المرجعية" ! ، والأن يطالبون تدخلها !
فهم يريدون أتباع ارتباطهم السياسي وحتى الديني راجع لهم فقط، وإلا ماتفسير تقلبهم وبحثهم وتأييدهم لمرجعيات نهجها مفصل لخدمتهم ! فهم بهذا يريدون ان يعجنون دين اتباعهم متى ما احتاجو لذك ، وهم يقولون "سمِعنا أطَعنا ، شيخَنا مثلُكُم أدرى " !!
بعد كل هذه التنازلات وبعد كل هذا الإصطدام بالمجتمع يبقى السؤال ، هل نالت هذه الشخصية بهذا الصنيع ماناله فعلاً "أسد كشمير" ؟