الإمام الحسين كـنـز الإنسانية
لقد منا الله علينا بعد الرسول الأعظم ، وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، والسيدة الزهراء ، والإمام الحسن المجتبى ، بكنز عظيم لا يقدر بثمن وهو عشق الإمام الحسين وولايته والارتباط به، والتعلق بمنهجه وبفكره، والقيام بإحياء ذكراه على مدار السنة وبالخصوص في أيام عاشوراء، والتوجه إلى زيارته في كل مناسبة دينية من أجل تجديد البيعة له، وتعميق الولاء والمحبة لقيمه ومبادئه، والإخلاص إلى منهجه، وتأكيدًا على إتباعه.
إن هدف الإمام الحسين من ثورته المباركة هو بناء مجتمع إسلامي إنساني يقوم على أساس القيم النبيلة والمبادئ الطيبة التي تحقق العدالة والحرية لجميع الناس بغض النظر عن أديانهم ومذاهبهم وألونهم وقبائلهم ومناطقهم. فالنهضة الحسينية هي التجسيد الأمثل للقيم الإنسانية الخيرة في الحياة كالعدالة والتضحية والحرية والمساواة وذلك من أجل هدف عظيم وهو كرامة الإنسان وحريته.
لقد أطلق الإمام الحسين صرخته المدوية عبر التاريخ لكل الأحرار في العالم للدفاع عن القيم الإسلامية والإنسانية والمحافظة عليها والتضحية من أجلها، وتفعيلها اجتماعيـــًا وسياسيـــًا واقتصاديـــًا وتربويـــًا، وتطبيقها على أرض الواقع من أجل سعادة المجتمعات الإسلامية والإنسانية والارتقاء بهذه المجتمعات نحو التقدم والازدهار.
لذا أكد المؤرخون إن ثورة الإمام الحسين أعظم ثورة إصلاحية عرفها التاريخ البشري على سطح الكرة الأرضية لأنها أحيت المبادئ والقيم المقدسة في نفوس وعقول الأجيال المتعاقبة، وأعطت الدروس المشرقة عن التضحية في سبيل القيم الإسلامية والإنسانية.
وقد تأثر عظماء البشرية ومفكريها وسياسيها بشخصية الإمام الحسين وسيرته العطرة،، لأنهم وجودوا في ثورة الإمام الحسين الرفض المطلق للظلم السياسي والاجتماعي والاقتصادي والعرقي والقبلي والمناطقي، ورأوا في حركته التحررية الكرامة الإنسانية، والحرية الفكرية، والعدالة الاجتماعية، والتسامح الديني، والوفاء للقيم الإنسانية.
وها هو الزعيم الهندي غاندي اتخذ ثورة الإمام الحسين قدوة ومثالا ً لثورته فقال: «لقد طالعت بدقة حياة الإمام الحسين، شهيد الإسلام الكبير، ودققت النظر في صفحات كربلاء واتضح لي إن الهند إذا أرادت إحراز النصر، فلا بد لها من اقتفاء سيرة الحسين».
وقال كلمته المشهورة: «تعلمت من الحسين كيف أكون مظلومـًا فأنتصر».
وقال الباحث الانكليزي جون أشر: «إن مأساة الحسين بن علي تنطوي على أسمى معاني الاستشهاد في سبيل العدل الاجتماعي».
وقال المستشرق الفرنسي لويس ماسينيون: «أخذ الحسين على عاتقه مصير الروح الإسلامية، وقــُـتل في سبيل العدل بكربلاء «.
وتميزت ثورة الإمام الحسين بأنها حملت مشاعل النور والهداية لكل الناس. باسم الإمام الحسين اهتدى الآلاف من النصارى واليهود والهندوس والبوذيين إلى نور الإسلام، لأنهم وجدوا في شخصيته المقدسة القيم الأخلاقية العالية كالرحمة والرأفة والعطف والعفو والمحبة والصدق والشجاعة والبطولة والتضحية من أجل الحق، ومن الأمثلة التي تدل على رحمة وعطف ورقة قلب الإمام الحسين كما جاء في السيرة الحسينية بكاؤه على أعدائه يوم المعركة في كربلاء، وعندما سُئل عن بكائه قال : «أبكي على هؤلاء، سوف يدخلون النار بسبب قتلي «.
إن الإمام الحسين هو كنز الإنسانية وقلبها النابض ورمـزها الخالد، ويوم عاشوراء هو درس لنا جميعــًا ومعين لا ينضب من العطاء نقتبس منه الدروس الإنسانية والقيم الأخلاقية التي لابد أن نتخذها مبدأً لنا في الحياة لكي نعيش سعداء في الدنيا والآخرة.
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين.