«وطاعتنا نظاماً للملة! »
إضاءة من كلمة سماحة المرجع الشيرازي حفظه الله في ذكرى استشهاد الرسول الأعظم محمد
ألقى المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله كلمة قيّمه بجمع من العلماء والفضلاء والمبلغين والمواكب والهيئات الحسينية الذين وفدوا على بيته المبارك بمدينة قم المقدسة وذلك يوم السبت الموافق للثامن والعشرين من شهر صفر الأحزان لعام 1436هـ وذلك بمناسبة ذكرى استشهاد الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه واله.
وفي هذا المقال نحاول أن نسلط الضوء على بعض النقاط التي ذكرها سماحة السيد المرجع حفظه الله في هذه الكلمة المهمة التي سلط فيها الضوء على نص مهم ذكرته السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها في خطبتها بُعيد استشهاد الرسول الأعظم محمد .
فكثير من النصوص لها محتوى عظيم في خطبة السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها التي قالتها بُعيد استشهاد الرسول الأعظم صلى الله عليه واله والتي تبين مدى أهمية كل كلمة نطقت بها سيدتنا فاطمة الزهراء صلوات الله عليها والتي إذا فُرِّغت ودُرِّست لكُتب عنها مئات الكتب بل والمجلدات لما تحتويه من المعاني والمفاهميم لعصارة وخلاصة الإسلام المحمدي الأصيل، ومن هنا ألقى سماحة المرجع حفظه الله تعالى الضوء على جزء مهم جدًا من هذه الخطبة.
حيث قالت مولاتنا الزهراء سلام الله عليها في خطبتها «وطاعتنا نظاماً للملة! »
فيقول سماحة السيد المرجع: «مواضيع كثيرة قالتها الزهراء في أصول الدين والأخلاق وعلل الأحكام وكذلك في النظام الإسلامي قالت هذه الجملة القصيرة، فالملة جمع ملل وهنالك العديد من الملل، كـ ملة اليهود وملة النصارى والملة الإسلامية، فإذا أرادت الملة الإسلامية نظامها فعليها طاعة أهل البيت واتباع أوامرهم والعمل بأقوالهم وسيرتهم حسب تعبير سيدتنا الزهراء صلوات الله عليها، فالنظام الإسلامي ماذا يعني؟، يعني الطاعة للمعصومين الأربعة عشر وإتباع نهجهم والعمل بسيرتهم».
فنظام الدين الإسلامي وبقاءه وصيانته من التفرقة والتشتت، لا يكون إلا في ظل قيادة أهل البيت ، فلكل مله «مجتمع» قطب فكر لنظامه وبقائه، ولا يكون هذا القطب إلا على رأس الهرم ليمكنه جذب كل الأفكار والآراء إليه وليملأ ويسدّ الفراغ الموجود من هذه الناحية، وعندها لا تبقى أرضية لأي اختلاف.
فالشريعة الإسلامية والمجتمع الإسلامي أيضاً يتطلبان اتباع أهل البيت وطاعتهم لحفظهما من كل اختلاف وتفرقة، لأنهم وباتصالهم بالمصدر الحيوي وبعالم الغيب، يؤمّنون الرشد الفكري للبشرية في جميع الجهات، بدءاً من الإقتصاد ومرورًا بالحقوق والأحكام وانتهاءً بالسياسة ونظم الأمر.
وقال سماحته: «إن مسؤولية الجميع من علماء وحوزات علمية وجامعيين وكتاب، كل حسب امكانياته، تبيان أن هذا النظام الإسلامي الأصيل هو الذي استشهد لأجله النبي صلوات الله عليه واستشهدت لأجله مولاتنا فاطمة الزهراء وطُبر لأجله رأس أمير المؤمنين وتفتت لأجله كبد الإمام الحسن وذبح الإمام الحسين لحفظه وبقائه! »
وقال: «إن مسوؤليتنا جميعًا تبيان النظام الإسلامي الحقيقي الذي حكم من خلاله الرسول الأعظم لمدة عشر سنوات وحكم من خلاله أمير المؤمنين لمدة خمس سنوات، فهل كان لأمير المؤمنين رغم الحروب التي فرضت عليه أي سجين سياسي! »
وقال في مقارنته بين مايدعيه البعض من الحكم بالإسلام وبين حكم النظام الإسلامي الأصيل «عشر سنوات حكم فيها الرسول الأعظم بعد سنوات من الظلم والقهر الذي مورس عليه وعلى المسلمين عمومًا من قريش، هل ترون له بعد أن حكم سجين سياسي ولو واحد فقط!، قولو للعالم لك! »
فبعد مرور أكثر من 1400 عاماً على استشهاد الرسول الأعظم ، ومع استثناء فترة حكومة الإمام علي ، تجد أن كل مايوجد في هذا التاريخ الإسلامي من نماذج بارزه كله عار!، فماذا نستطيع أن نقدم للعالم أنموذج من قبل الإسلام!
فالعالم عندما يشاهد هذه النماذج من الحكام في بعض البلدان الإسلامية فإنها تنفر وتنأى بنفسها عن الإسلام، فيؤكد هنا سماحة المرجع على ضرورة عرض النموذج الحقيقي للحاكم والنظام الإسلامي للهداية والدخول للدين الإسلامي.
هذه الإشارة من قبل سماحة السيد المرجع جداً عظيمة فهي تبين مدى التسامح الذي يجب أن يتمثل به الحاكم الإسلامي، فالحاكم عندما يستتب له الملك فإنه لايبطش ولا يسجن المختلفين معه سياسيًا وله في رسول الله عندما دخل مكة فاتحاً أسوة حسنة، وليس كمثل بعض الدول التي تحكم بإسم الإسلام فعندما حكم الحكّام فيها عُلقّت المشانق، وسجنت وقتلت بإسم حماية الدولة والثورة!
ختاماً: المسؤولية الملقاه على عاتقنا أن نعرّف العالم بالنموذج الإسلامي للحاكم العادل وهذا يتجلىٰ في حكومة الرسول الأعظم وحكومة أمير المؤمنين ، نسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقنا لنحيي القيم الإسلامية المباركة ولنعرّف العالم أجمع بالإسلام الحقيقي البعيد عن الإسلام المحرّف المحتقب بالعار!