لجان الأمن الشعبية باتت ضرورة
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب الشهداء والصديقين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين، واللعن الدائم على أعدائهم وظالمي شيعتهم إلى قيام يوم الدين.
الرحمة لشهدائنا الأبرار في الدالوة والقديح وحاضرة الدمام، كما أعزي أهلنا في الإحساء والقطيف وحاضرة الدمام وأعزي ذوي الشهداء في المصاب الجلل الذي افجع قلوب المؤمنين في كل بقاع الأرض.
قبل عام أو أكثر أطلقت عصابات التكفير المسلحة كداعش وغيرها تهديداتها باستهداف شيعة أهل البيت في هذه البلاد، إلا أن تلك التهديدات لم تؤخذ بمحمل الجد، إذ تواصل مسلسل التهديدات والتحريضات ضد الشيعة وعلى الملأ طوال تلك الشهور وبوتيرة متصاعدة دون رقيب وحسيب ودون أدنى رادع يردعها، بل على العكس وجدنا كيف أن مؤسسات رسمية ساهمت في التأجيج والتحريض ضد الشيعة سواء منابر جمعة وجماعة أو مؤسسات إعلامية على مستوى صحف وقنوات فضائية وغيرها، حتى صنعت لنا بيئة مفخخة حاضنة للإرهاب ضد الشيعة فرّخت لنا خلايا مسلحة مهمتها الأولى استهداف الشيعة في بلادنا، وقد استمرت حالة التغاضي والتعامي والاستهتار بتلك التهديدات حتى أستيقظت البلاد على دوي الرصاص والانفجارات التي استهدفت الشيعة في حسينياتها ومساجدها فبدأت بالدالوة ثم ألحقت بها القديح والآن نسمعها في المسجد الوحيد للشيعة «مسجد الإمام الحسين » بحاضرة الدمام.
إن من الطبيعي جدا أمام تلك الحيثيات أن يستنفر الشيعة كافة طاقاتهم وقواهم ليشكلوا لهم لجانا أمنية تحصنهم أمام الأخطار المحدقة بهم في ظل تقصير فاضح للجهات المعنية في تحمل مسؤولياتها تجاه امن المواطنين الشيعة، خاصة إذا ما علمنا أن أول بديهيات التحصين الأمني نزع فتيل الفتنة الاجتماعية عبر كم أفواه المحرضين ومثيري الشحناء والبغضاء بين مكونات المجتمع.
لقد سارعت الجهات الأمنية لتبني إحباط محاولة تفجير المصلين بمسجد الإمام الحسين بحاضرة الدمام، في الوقت الذي يعلم الجميع أن الذين قاموا بملاحقة الانتحاري المتنكر بعباءة امرأة، وفدوا بأرواحهم لإحباط عمليته ومنعه من دخول المسجد واستهداف المصلين هم الشهداء الثلاثة الذين سقطوا جراء التفجير، وهؤلاء الشهداء هم عناصر في اللجنة الأمنية الشعبية لحماية المصلين، التي لولا دورها لكانت النتائج أفظع وافجع وأقسى.
إن هذا التبني من الجهات الأمنية لإحباط العملية يحمل في دلالاته اعتراف ضمني وعملي صريح بحاجة الجهات الأمنية إلى لجان أمن شعبية تساعدها وتتكامل معها في الأدوار والمسؤوليات والمهام، كما أنه أظهر أن التحسسات من وجود لجان أمنية شعبية ناتجة من أوهام وحسابات سياسية ضيقة لا تعني الوطن ولا المواطن، لان هذه اللجان لا تعني وكما يريد أن يصورها البعض إلغاء للدولة أو سلب لدورها في إشاعة الأمن والاستقرار، بل على العكس إذ تعني تكاملا بين المواطن والجهات الأمنية في حفظ الأمن واستتبابه.
إن وجود لجان أمنية شعبية تعرف جغرافيا المكان وسكانه وثقافته يمثل ضرورة أمنية ينبغي على الجهات الأمنية الرسمية أن تعتمدها في بناء إستراتيجيتها الأمنية القادمة لحماية المواطنين في ظل الظروف الأمنية الاستثنائية التي نشهدها اليوم، وليس التحسس منها، أضف إلى أن اللجان الأمنية هو تطبيق عملي وصيغة عملية متطورة للإستراتيجية الأمنية الشهيرة «المواطن رجل الأمن الأول» والتي تبنتها الجهات الأمنية في مواجهتها للإرهاب، مما يعني أن تشكيل اللجان الأمنية الشعبية جاء متسقا مع الإستراتيجية الأمنية التي تعتمدها الدولة.
كما أن تعالي الأصوات والتنادي لتشكيل لجان أمنية شعبية بكل بلده ومدينة ينبغي اعتباره مؤشر على مدى القلق الذي يعيشه المجتمع تجاه ما يحدق به من أخطار ويواجهه من تهديدات في استقراره وأمنه، فان ثلاث عمليات إرهابية استهدفت الشيعة حتى الآن في ظل شعور لدى المجتمع بقصور وتقصير الأجهزة الأمنية، لا ينبغي أن نتوقع من الناس أن يجلسوا على أريكتهم لينتظروا من يحميهم، فالناس بطبيعتها الغريزية في ظل هذه الظروف وتلك الحيثيات ستبادر تلقائيا لحماية نفسها بنفسها، لأنهم ببساطة لا يقبلون أن يقادوا إلى المذابح كما النعاج لا حول لهم ولا قوة.
خلاصة القول:
إن اللجان الشعبية الأمنية باتت ضرورة ملحة جاءت وبصيغة عملية متطورة تتوافق والإستراتيجية الأمنية الشهيرة «المواطن رجل الأمن الأول» وعلى الجهات المعنية أن تعتمدها في إستراتيجيتها الأمنية وتقدم لها الدعم التدريبي والفني لتكون أداة تكاملية معها في حفظ الأمن واستتبابه، ولا يصح التحسس منها وكأنها جاءت لتلغي الدولة ودورها.