الباحث الشبيب يصدر كتابه "معوقات التنمية والإصلاح في الوطن العربي
الكتاب : معوقات التنمية والإصلاح في الوطن العربي (رسالة ماجستير)
المؤلف : الأستاذ كاظم شبيب الشبيب
سنة الطبع : 2009م
التنمية الاجتماعية تتشكل من خلال الجهود التي تبذل لإحداث سلسلة من التغييرات الوظيفية والهيكلية اللازمة لنمو المجتمع ، وذلك بزيادة فاعلية أفراده على استثمار الجهود الفردية والاجتماعية والدولية لتحقيق أفضل معدلات الحرية والرفاه معرفياً و اقتصادياً وصحياً ، والإنسان هو محور هذه التنمية المستدامة والتي تمثل تطبيقاتها المحك الرئيس لمقياس التحضر والقدرة على سبر أغوار المستقبل بلا ضبابية.
ومن هذا المنطلق فإن الباحث الأستاذ كاظم شبيب الشبيب وهو يقدم رسالة الماجستير هذه يركز على أبرز المعوقات بعد رحلة مريرة لتشخيص الواقع من خلال المعطيات الرقمية القائمة على دراسة التقارير الدولية والدراسات الميدانية والمتابعات المستفيضة .
وقد جاءت فكرة هذا الكتاب لتتناول معوقات التنمية في الوطن العربي في بعديها النظري والعملي بشي من التفصيل مع التركيز على المواضيع ذات العلاقة لتضع اليد على الجرح والمعاناة من خلال تناول رؤى المنظرين لأصل مفهوم الإصلاح بعيداً عن السقوف الضيقة التي لا تكاد ترى في التنمية سوى البعد الاقتصادي وزيادة الإنتاجية وبهذا فإن الباحث وفق في دراسته لتناول التنمية في صورتها الأشمل لتتناول المعوقات التي تواجه التنمية الإنسانية والاجتماعية كمدخل لأي عملية إصلاحية تراكمية وتآزرية شاملة بين الدول والأفراد ومؤسسات المجتمع المدني ، يتدارس فيها الخيارات المطروحة على مستوى العالم العربي ككل انطلاقاً من تعريف مفاهيم الإصلاح الجذري والجزئي سواء من داخل الدول بحد ذاتها أو من خلال ما تفرضه مقتضيات العولمة بشتى أبعادها.
وهنا يركز المؤلف على أن عملية الإصلاح المؤدية للتنمية لا تتم بعصا سحرية ولا تتوقف على طبيعة قناعات الدول منفردة وإلا فإن طوفان التغيير لن يرحم من يفكر بعقلية القطيع بشكل منفرد فللكل دوره المحوري الذي لا يمكن التغافل عنه كما هو الحال مع أصحاب جدلية البيضة والدجاجة دون إغفال لأدنى الاعتبارات سواء كان هذا التغيير يبدأ من الداخل (بما يتفق مع سيادة الدول) أو من الخارج (بما تمليه القوى العظمى بفعل ضغوطاتها ) بفعل مقتضى التأثير المتبادل في المصالح .
يعد إصلاح التعليم هو حجر الزواية في مسارات الإصلاح والتنمية ، وهنا يركز المؤلف على طبيعة الاستراتيجيات المعتمدة في الدول العربية منوهاً لغياب الاستراتيجيات والتركيز من قبل الدول العربية على الشكليات للموائمة بين مخرجات التعليم وسوق العمل ، ويشير الباحث إلى أن ضرورة الأخذ بالاعتبارات والمكونات التاريخية والدينية والبشرية كأساس لتنمية الجانب الإنساني بشكل متدرج ومتطلبات العصرنة وكذلك الجانب الاجتماعي والوطني لما للتعليم من دور مباشر في صنع التحولات وصناعة آفاقها وأشكالها في جميع المناحي مع مراعاة الخصوصيات الثقافية والاجتماعية لكل دولة على حده .
2 – العولمة سباحة ضد التيار
يشير الباحث إلى غلاة العولمة (رايش 1992 إلى دورموس 1998) الراغبون في توظيف العولمة لتكون في خدمة الامبرياليات والشركات العابرة للقارات وليس كمنهج لصنع عالم تسوده المصالح المشتركة القائمة على الاحترام المتبادل واعتبارات العدالة الاجتماعية والتي حدت بالمناضل نيلسون مانديلا للقول بـ (أن البشر جميعاً ولدوا سواسية وأنهم يجب أن يلقوا معاملة مساوية) - ليس فقط من خلال اقتصاد السوق الحر أو المفتوح على الطريقة البوشية للنموذج الأمريكي الرسمي المستعد للذهاب منفرداً لأي خيار وإن كان يتطلب بحسب رؤيتها تغيير الأنظمة على حساب كرامة الشعوب الحرة وذلك بفرض الاستسلام باسم السلام عبر القوة العسكرية ومبادئ السياسة الأمريكية لان المعايير الكونية أكبر واشمل من هذه النظرات الضيقة التي شخصها أصحاب نظريات صدام الحضارات .
3 - التنمية السكانية أحد مفاتيح التنمية
يشير الباحث إلى ظاهرة الانفجار السكاني ومضاعفات حجم هذه المشكلة وضرورة وجود الموارد المالية اللازمة (الأرض ، التمويل ، الخدمات) عبر تخصيص الموارد وإدارتها بشكل سليم بعيداً عن الفساد المالي عبر توسيع الفرص الاستثمارية وتشجيع القطاعات المالكة فبقدر ما تستطيع الدول مواكبة معدلات خطط ونمو التركيبة السكانية بقدر ما تستطيع مواجهة زلزال أزمات الزيادة والتوسع بقدر ما تحقق من تنمية حقيقية .
4 - الصحة والبيئة تحدى حقيقي
يشير الباحث إلى أن الدول تستنزف إمكاناتها على هذين الجانبين بحيث تعد طريقة تعاطي الدول مؤشر مهم يستطيع الخبراء من خلاله تحديد صدقية ونجاح إدارة الثروات ، خاصة إذا ما علمنا أن تحد كالصحة ليس مجال استثماري له مردودات وعوائد مالية يمكن أن تعوض موارده في الدول النامية على اختلاف أوضاعها الاقتصادية بما في ذلك الدول ذات الثراء الفاحش فضلاً عن الدول الفقيرة .
في الفصل الثاني يتدارس المؤلف قضية الفقر والبطالة والفساد المالي وبيروقراطية الافراد والدولة وتأثير كل هذه العوامل على التنمية .
يستعرض أبرز الإشكالات في عملية التنمية على صعيدي النظام الأسري وقضايا المرأة ، حيث أن النظام الأسري هو محور ضروري لتقبل خطوات التنمية والعمليات الإصلاحية لمنظومة الروابط الاجتماعية ومؤسساتها .
من أكثر الأمور التي تميز هذه الدراسة عن مثيلاتها هو انه كان كثيراً ما كان يتم التركيز على المنحى السياسي كمعوق من معوقات التنمية ويتم تجاهل المعايير الأساسية الحقيقية للتنمية من وجهة نظر المنظمات الدولية المعنية بتقويم التنمية ، لهذا نرى الكاتب قد أفرد حيزاً لا يستهان به في استعراض وتحليل وتقويم جوانب التنمية الحقيقية التي تقف حجر عثرة أمام فرص التنمية كمسألة الاصلاح بشكل عام وكمسألة التعليم والثقافة والسكان والصحة والبيئة والفقر والبطالة والفساد وبيروقراطية الأفراد والحكومات وكذا القضايا الاجتماعية كالنظام الأسري وقضايا المرأة دون أن يغفل عن تقديم الحلول المناسبة وهذه بلا شك تأخذ من الباحث مأخذها من الجهد خاصة وأن لكل دولة خصوصياتها ومشاكلها وللوصول لتناول كل هذا الطيف من المعوقات.