حرق القرآن باسم الحرية

أمير بوخمسين شبكة أم الحمام - أمير بوخمسين

عندما وضعت الأمم المتحدة ميثاقا عالميا لحقوق الإنسان تأكيدا على ايمانها بحقوق الإنسان الأساسية وبكرامة الإنسان وقدره، إذ يتساوى الرجال والنساء في الحقوق لتحسين مستويات الحياة تحت سماء الحرية للجميع، وعملت الجمعية على نشر هذا الميثاق بوصفه المثل الأعلى المشترك الذي ينبغي أن تبلغه كافة الشعوب وكافة الأمم، وانتزعت الجمعية اعتراف العالم أجمع بهذه الحقوق وشددت على مراعاتها فيما بين شعوب الدول الأعضاء وكذلك بين شعوب الأقاليم الموضوعة تحت ولايتها،، والتزمت الدول متفقة على الاحترام والحماية والوفاء لهذه الحقوق العالمية الغير قابلة للتصرف..

لذلك أعتبر مبدأ عالمية حقوق الإنسان هو الركيزة الأساسية في القانون الدولي لحقوق الإنسان. ولعل من أبرز مميزات الإعلان العالمي لحقوق الإنسان انها حقوق نتمتع بها جميعنا ولا تمنحنا لها أي دولة ولا يجب حرمان أي شخص منها.. وما يميزها ايضا انها حقوق مجتمعة وغير قابلة للتجزئة ما يعني انه لا يمكن ان نتمتع بمجموعة واحدة من الحقوق بشكل كامل دون المجموعة الأخرى.. ولعل الميزة الأساسية أن حقوق الإنسان متساوية وغير تميزية..

حيث ان عدم التمييز مبدأ شامل في القانون الدولي لحقوق الإنسان مستندا في ذلك على الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع اشكال التمييز العنصري، وعلى الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع اشكال التميز ضد المرأة. إن الحق الذي نؤمن به جميعنا ان للإنسان ارادة توفر له القدرة على القيام بعمل ما واختيار الطريق الذي يرغب في سلوكه. الله خلق الإنسان وجعل حرية الفعل والترك حرية مسؤولة يصبح الإنسان مسؤولا ومحاسبا على أقواله وأفعاله تجاه مجتمعه وذاته. لذلك فإن إيمان الإنسان بانه مكلف أول خطوة في حريته...

لقد رفع الإسلام من قيمة الحرية لدرجة انه اشترط ان يكون العقل الذي يصل الى الايمان بالله عقلا حرا.. بمعني انه غير مكره ولا يقع تحت هيمنة تلغي قدرته على الاختيار. ولأن التعبير عن الرأي مرتبط بحرية الإنسان في تفكيره، أعتبر التعبير عن الرأي حقا اصيلا من حقوق الانسان في الاسلام..

فلا تستقيم إنسانية الإنسان إلا من خلال الالتزام بهذه الحقوق، ولا يمكن ان يعد انسانا الا بها.. والإسلام سبق الحضارات كلها في تقرير حقوق الإنسان واعطاه الحقوق كاملة، حق العيش، والحرية، والتعبير، والمسؤولية، والتنقل، والملكية، والعمل، والارادة والاعتقاد.

لذلك الجمعية العامة للأمم المتحدة عندما وضعت الميثاق العالمي لحقوق الانسان اعتمدت على كل ذلك ومن خلاله افتتحت الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بالتأكيد على كرامة الإنسان عندما أكدت على «يولد جميع الناس احرارا ومتساويين في الكرامة والحقوق.. وهم قد وهبو العقل والوجدان.. وعليهم ان يعاملوا بعضهم بعضا بروح الإخاء». والحرية هذه لا يمكن باي حال من الاحوال ان تسمح بالاعتداء على حرية الغير..

والاحساس بالحرية لا يكتمل الا بإحساسنا بالمعاني الانسانية التي يجب ان نلتزم بها بالنسبة لغيرنا.. والحدث الأخير المؤسف حرق القرآن الكريم في السويد التي تدعي الحرية وترفع شعار المساواة، وغيرها من الادعاءات المزيفة التي تتشدق بها باسم حقوق الإنسان، فتنتهك حرمات المهاجرين لديها عبر اختطاف أبنائهم ووضعهم في الملاجئ والمؤسسات الاجتماعية الخاصة بهم لتعليمهم وتدريسهم قضايا الجنس والمثلية والانحلال الأخلاقي، إلى حرق القرآن الذي تكرر عدة مرات في دول أوروبا. وبأسم الحرية تفرض القوانين والسياسات المنحلّة على دول العالم الأخرى، ويعاقب من يخالفها.. أين كرامة الإنسان واحترام مبادئه؟.