الحضور المزيف لثقافة الوعي
أمام الحضور المزيف للوعي الاجتماعي تتصدر التطبيقات والمنصات الافتراضية في عالم السوشيال ميديا أولوية في حياة الأطفال والمراهقين مما يعني ستكون المحصلة جيل يتمتع بالهشاشة الفكرية في غياب مظلة التربية الأسرية والاجتماعية الذي بات حضورهما هامشيًا في ظل هذا الغزو التقني الذي نجح بكل المقاييس في اختراق كل الحواجز المادية والمعنوية للجدار الاجتماعي.
فتنافس الشركات العالمية في طرح المزيد من تطبيقات السوشيال ميديا إلى جانب لسناب شات، والفيس بوك والتلغرا م والاتسقرام، واليوتيوب، ظهر جيل جديد عام 2016 م هو تطبيق تيك توك منصة اجتماعية صينية تهتم بنشر مقاطع الفيديو والمقاطع الموسيقية ويتمتع هذا التطبيق بشعبية كبيرة حيث بلغ عدد مستخدميه حو الي مليار مستخدم بينما الاستخدام النشط يقدر ب 500 مليون اغلبهم صغار السن.
وتيك توك تطبيق يعتمد جمع البيانات الشخصية من مستخدميه بغض النظر عن بساطة هذه البيانات التي يستخدمها رواده في فتح حساباتهم، إلا أنه يتم استخدامها لأغراض غير مباحة مثل العمليات التسويقية أو بيعها إلى جهات أخرى مشبوهة.
فهذا التطبيق يعتبر من الأدوات الرئيسية في حرب المعلومات وذلك من خلال انتهاك حرمة البيانات واستباحتها بالشكل الكبير لهؤلاء الاطفال والمراهقين، غير إن هذا التطبيق يعتمد على الترقية كغيره من التطبيقات الاجتماعية الأخرى مع عدم مراعاة القيم والمبادئ الاجتماعية والسلوكية والأخلاقية.
فانعدام الثقافة المجتمعية في كيفية العامل مع ماهية هذه التطبيقات في وسائل التواصل أدى إلى الانحدار في مستوى الوعي اتجاه هذا التطبيقات ومخاطرها سواء كان ذلك على مستوى الفرد أو المجتمع، فكانت النتيجة الكثير من المشاكل السلوكية والنفسية والأخلاقية التي سادت في مجتمعاتنا المحافظة.
فقد شهدنا في السنوات الأخيرة الكثير من الاختراقات للنسيج الاجتماعي وتدهور البُنية التحتية لهذا النسيج، حيث تمثل الأًسرة قوام هذا النسيج الذي أصبح ضعيف متخلخل البناء، نتيجة ضياع الفرد داخل الكيان الأُسري، فسلطة الوالدين ضعيفة أمام هذا الاجتياح السريع في الثورة المعلوماتية التي لا حدود لها، وبالتالي السيطرة الفكرية على حياة الناشئة.
وفيما يُذكر إن الكثير من المتخصصين في علم النفس وفي مجال التربية أشاروا إن هناك الكثير من الأضرار والمخاطر لهذه التطبيقات بما في ذلك ”التيك توك”تأثر نفسيًا وسلوكيًا على الفرد والمجتمع خاصة الفئة العمرية من 8سنوات إلى 18 سنة فهم يكونون عرضة للعزلة الاجتماعية بسبب الهوس بهذه التطبيقات في مواقع التواصل المختلفة، والتي منها في الوقت الحالي التيك توك الذي يجذبهم ليكونوا عرضة للتحرش والاستدراج من قبل اصحاب النفوس الضعيفة والميول الشاذة، وذلك من خلال التعليقات والرسائل التي يتم ارسالها للتعليق على تلك المقاطع المتداولة التي تم نشرها.
كذلك من أكثر تلك المشاكل السلوكية هي النرجسية والهوس بالنفس وهذا ما نلاحظه عند الكثير من رواد مواقع التواصل، فتصويرهم لأنفسهم والظهور بمقاطع الفيديو بكيفيات في أغلب الأحيان هي جنونية مخله، ومخالفه للقيم الأخلاقية ونشرها من أجل الحصول على أعدادٍ كبيرةٍ من المعجبين واليكات، والدخول إلى عالم الشهرة، لذا كثرة حالة الاكتئاب والنهايات المسأوية نتيجة هذا الإدمان.
في بعض الدول التي عانت من هذا الانحراف الفكري نتيجة العولمة الفكرية والمعلوماتية، تداركت الأمر وقامت بحظر بعض التطبيقات الأكثر تأثيرًا على فئة المراهقين مثل تطبيق تيك توك الذي يشكل خطرًا كبيرًا، بينما في بعض الدول العربية والإسلامية هذا التطبيق يتصدر قائمة التطبيقات في مواقع التواصل.
لذا لا بد من وجود ثقافة واعية في كيفية التعامل مع هذه التطبيقات من قبل المجتمع، فمسؤولية المجتمع الرقابية تتمثل في حظر كل ماله تأثير على الفرد والجماعة، وأيضًا إعادة دور الأُسرة والوالدين في المتابعة لحماية الأبناء من هذه المنصات الهدامة ووضع قيود على حساباتهم، بحيث تكون حسابات الأبناء مرتبطة بحسابات أولياء الأمور من أجل الاطلاع والمراقبة المستمرة لأبنائهم.