أضحك !!

في ظل المحن والمصائب والمشاكل التي تمر على الإنسان في حياته، يحتاج الفرد منا إلى دعم متنوع في مختلف المجالات المعنوية والمادية والروحية من أجل مواجهة هذه المصاعب والإحباطات التي يواجهها في حياته. واحدة من الوسائل التي تخفف على الإنسان هي النكتة والضحك.. يقول الفيلسوف الأميركي جون موريل «إن الضحكة البشرية الأولى ربما تكون قد صدرت تعبيرا عن الارتياح لزوال خطر ما.

يسمع الآخرون الضحكة فيحسون بالأمان ويطمئنون، ويضحكون. يستطيعون بعد ذلك أن يسترخوا. عندما يضحك الفرد تسترخي عضلات جسمه كلها بالفعل». والحق إن الضحك إذا تمكن منك فقد تضطر إلى أن تقبض بيدك على شيء ما حتى لا تسقط على الأرض. إن الاسترخاء والضحك يعطيك ثقة فيمن حولك، وأنه إشارة ثقة في رفاقك. يرى البعض الآخر أن ضحك الإنسان قد تطور كوسيلة لتشكيل العلاقات بين الناس وتوطيدها. فكانت البسمة هي الوسيلة الأولى في إعلان الرغبة في التواصل مع الآخر، فحل الضحك محل الابتسامة من أجل الانخراط في الجماعة والتكيّف معها. ونشأ الضحك لتغيير سلوك الآخرين، شأنه في ذلك شأن غيره من أنواع السلوك البشري.

فالضحك يستخدم كوسيلة للتغلب على الغضب وللتهدئة والاسترخاء، فتغير الحديث من الجاد إلى غير الجاد، يطفئ شرارة الغضب بين الأطراف. دراسات عديدة تؤكد أن ذوي السلطة رؤساء العمل أو كبار رجال القبائل يستخدمون الفكاهة أكثر من مرؤوسيهم، ليصبح التحكم في ضحك الجماعة طريقا لممارسة السلطة. الناس يضحكون أكثر إذا جاءت النكتة من رئيسهم. فالضحك جزء من حياتنا، وهو جزء من السلوك لجنس البشر. هو من أكثر الأشياء شيوعاً في حياتنا، فإذا فقدنا القدرة على الضحك فقدنا كل شيء.

يذكر الكاتب المصري حلمي النمنم في مقال نشر له في جريدة الإتحاد الإماراتية عام 2005 ”للضحك فوائد كثيرة وكان الاغريق يبنون المستشفيات الى جوار المسارح حتى يستفيد المرضى من ضحكات رواد المسرح فيحل الشفاء بسرعة ويقول الاطباء ان من يستطيع اكتشاف النواحي المضحكة في المواقف الصعبة يكون اقل عرضة للاكتئاب والغضب والتوتر والضحك مثل البكاء يقلل القلق والاضطراب ويقلل هرمونات الاجهاد وعندما يضحك الانسان يزداد إفراز بروتين 'جاما انترفيرون' وهو يزيد المناعة ويقلل الاصابة بالمرض وهناك خلايا 'ت' وخلايا 'ب' تنشط مع الضحك وهي خلايا الدفاع ضد الامراض كما يرتفع الاكسجين في الدم وتتحسن الدورة الدموية ويزداد تركيز جلوبولين المناعة 'أ' في اللعاب مع الضحك وهو يعمل ضد عدوى الجهاز التنفسي وتزداد الاندروفينات 'قاتلات الألم التي يفرزها المخ' وتتعزز قدرة تخزين المعلومات في المخ والضحك يخفف ارتفاع ضغط الدم وضغوط الحياة“.

وأدرك أهمية الضحك من قديم الزمان علماء وفلاسفة «أرسطو - كانط - داروين - بيرجسون - فرويد» ومن خلال هؤلاء لكنّا لا نزال نجهل عنه الكثير على الرغم من تفهمنا لأهميته، ومن تأكدنا من أنه مفيد لنا. لذلك إذا رأيت شخصاً يضحك شاركته الضحك، حتى دون أن تعرف السبب ترد عليه بضحكة. لا يهم من أي جنسية هو، ولا أي لغة يتحدث. يعتقد معظم الأطباء أن الأطفال يبدأون بالضحك الحقيقي وهم في سن أربعة إلى ستة أسابيع، إلا أنهم يضحكون أثناء النوم منذ لحظة ولادتهم، ويستمر معهم ذلك في الثلاثة أو أربعة أشهر. إذ تبتسم لأمك عندما تراها وتحس بالحنان يغمرك.

الطفل يضحك قبل أن يتعلم الكلام، وبسمة الطفل لأمه لا تأتي فقط محاكاة لبسمتها. الرضيع الذي يولد أعمى أو أصم أو أبكم يمكنه أن يبتسم. فالبسمة جزء من العتاد البشري يورث. والحياة في جوهرها المكنون ضحكة.. لذلك مهما أثقلتنا الحياة من أعباء، وتعب ومشاكل علينا بالاسترخاء والضحك من أجل أن نستمر في حياتنا ونعيش مع محيطنا بكل رحابة وإيجابية.. وهذه ليست مثالية أو القفز على الأحزان والمشاكل وعدم الاهتمام.. أبدا ولكن التعامل مع مصاعب الحياة بواقعية وموضوعية أمر مطلوب «أضحك تضحك لك الدنيا».