كالمستجير من الرمضاء بالنار
لقد دفعت بعض الأسباب الكثير من مواطني دول الشرق الأوسط إلى ترك بلدانهم والهجرة إلى دول الغرب والتي منها: الحروب والصراعات الدائرة والتي أدت لتدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي في تلك البلدان، وانتشار الفقر والبطالة وصعوبة العثور على فرص عمل، مما يضطرهم للبحث في دول الغرب التي توفر فرص عمل أفضل بأجور أعلى. وبسبب تدهور الحالة الاقتصادية، وصعوبة الحصول على الوظائف، يواجه الكثير من المواطنين صعوبة في الحصول على المواد والخدمات الأساسية أيضا، فيهاجرون لبلدان أقوى اقتصاديا وأكثر استقرارا.
تعاني بعض دول الشرق الأوسط من القمع وانتهاكات لحقوق الإنسان، مما يجعل الكثير من مواطنيها يشعرون بعدم الأمان والحرية، فيتطلعون إلى الهجرة إلى دول تضمن لهم حرية الرأي والتعبير وتحافظ على حقوقهم. يعاني النظام التعليمي في بعض دول الشرق الأوسط من عدم توفر التعليم المناسب ومتطلبات سوق العمل، مما يحث الشباب على الهجرة للحصول على تعليم أفضل وأكثر تطورا.
وللأسباب آنفة الذكر، أصبحت فكرة الهجرة حلم الكثير من مواطني دول الشرق الأوسط لكن ما إن يهاجروا حتى يكتشفوا أنهم كالمستجير من الرمضاء بالنار.
يواجه الأشخاص الذين يهاجرون لدول الغرب بعض المشاكل والتحديات التي تتعلق بالتكيف مع الحياة الجديدة، ومن بين هذه المشاكل: صعوبات في فهم النظام القانوني والتعامل مع الإجراءات القانونية، صعوبات في التواصل مع الناس والدوائر الحكومية بسبب عدم الإلمام بلغة البلد، أو صعوبات في فهم المجتمع الجديد والتأقلم معه والاندماج فيه. يواجه المهاجرون مشكلة التمييز والعنصرية مما قد يسبب عقبات في الحصول على فرص عمل أو سكن أو خدمات حكومية وغيرها.
من التحديات أيضا التكيف مع ثقافة ذلك البلد وكيفية التعامل مع القيم والعادات والتقاليد الجديدة. قد يواجه المهاجرون صعوبات في ممارسة دينهم بحرية على الرغم من تصريحات بلدان الغرب الزائفة بالتزامهم بحرية الدين والمعتقد. ومن أصعب التحديات حفاظ المهاجرين على هويتهم الثقافية والدينية وقيمهم ومبادئهم التي تربوا عليها.
على الرغم من تلك المشاكل، لكن استطاع العديد من المهاجرين التأقلم والنجاح في بناء حياة جديدة في بلدان المهجر، والمساهمة في تنمية وازدهار اقتصاد تلك البلدان، لكن سجلت بعض الإحصائيات مؤخرا ازديادا مستمرا في نسبة عودة المهاجرين لأوطانهم. واختلفت الأسباب التي تدفع المهاجرين للعودة لبلدانهم، لكن لن نستغرب لو اكتشفنا أن من أقوى أسباب العودة هو التخبط الحاصل في المجتمعات الغربية والقوانين الجديدة الغريبة التي تسن كل يوم.
من المهم الإشارة إلى أن العودة ليست دائما سهلة، فقد يواجه المهاجرون مصاعب عديدة في حال قرروا العودة إلى بلدانهم، بما في ذلك صعوبة العثور على سكن، أو عمل أو رعاية صحية، إضافة لصعوبة التكيف مع المجتمع من جديد، لكن يبقى الوطن الملاذ الوحيد الآمن ونبقى نكرر: بلدي وإن جارت علي عزيزة وأهلي وإن ضنوا علي كرام!