«خالد الذكر»
مقطوعة من شعر التفعيلة جادت بها القريحة في المرحوم الأستاذ : خالد حسن الرضوان من أهالي أم الحمام والذي وافاه الأجل يوم الاثنين الموافق 26 سبتمبر 2011م
زعمتُ بأني سأهجرُ هذا القلم , أكفُ عن الخوض في الحزنِ
والنوحِ هذا الألمْ ، على غير وعدٍ أعودْ وأثقبُ عين المشاعرِ بالحرفِ في لحظتينْ .
لماذا ؟ لماذا أنا هكذا ؟ لأني إذا ما هربتُ ووليتُ شطر التناسي تفاجئني لحظةُ الفقدِ بالمستحيلْ
أعودُ وفي خاطري لجةٌ من حنين , أعودُ وفي جعبتي دمعُ عينْ
على راحلٍ قال لي يوم خميسٍ ، وحين التقينا أنا (خالدٌ) يا سعيد
عجيبٌ هو الدهرُ لا فرصةٌ للوداع لماذا التقينا ؟ لماذا سكتنا ؟..
لماذا افترقنا ولم نكُ ندري بأن الليالي تموت وأنا نموت وأن الوداع له سمةٌ خافية...
يسنُ إلينا القدرْ نواميسَ من فوهاتِ السماءْ ، يغادرنا خالدُ الذكرِ يا قريتي ويرسلُ من ثغره بسمةً للجميعْ , هي البسمة الهادئة, عرفناهُ أيام كنا صغاراً صغارْ
هدوءاً يرتلُ في سمعنا آية الحُسنِ ، وفيه معاني البهاءْ
وها هو ذا يرتقي للسماءْ ونحنُ نضجُ نشير إليهِ بشوق القلوبِ
نمدُ لهُ من شرايينا النبضَ والحبَ لكنه يبتعدْ نناديه يا خالدَ الذكر عدْ ، ولم يستمعْ لأنَّ الحبيب الذي قد دعاهُ أجلّْ, لأن ملاقاته لذةٌ ليس تفنى
وليس لها منتهى ولا يدركُ الواقفون على الأرض والقابضون على حفنةِ الرملِ معنى اللقاءْ
فنحن هنا نجتمعْ , ونبكي نقبلُ ما قد تبقى من الذكرياتْ
أبا أحمدٍ أيها الشمعة الدافئة ، تعالَ إلى محفلِ الحزنِ يا ابن الكرامْ إلى والدٍ هائمٍ بالولدْ, لأمٍ ترى لا أحدْ, لأن هنالك سيلٌ من الدمع في المقلتين جمدْ ...
لعمٍ لهذا الولدْ , إلى إخوةٍ في ربوع البلدْ إلى زوجةٍ سكبت دمعها , بقارورةٍ أحكمت غلقها
لعلك تأتي لها فتهديك من شوقها نصف عمْرْ وتلقي على مسمعيكَ مواويلها الضائعة
تعالَ إلى من تريدْ .. تعالَ إلى من تحبْ . لبنتٍ يفرُ بها الشوقُ نحوكْ ، تعيدُكَ في ليلة الفقدِ صورة وتختزلُ العمْرَ والكونَ
في لحظة الاحتضان , تقولُ بصوتٍ يهزُ مشاعر كل المعزينَ يا ياأبي
....
لأنتَ ..
أيا خالد الذكرِ في راحة الكفِّ شمعة وفي مرفأ الخد دمعة
وفي ساحة الحبِّ ريحانةٌ من سناءْ , عرجتَ كما يعرجُ الطيرُ عند المغيبِ إلى عشهِ,
إلى سعةٍ من قصورْ, إلى فسحةٍ من حبورْ , إلى جنتينِ وحورْ , جوار الألى تظللهم غيمة من كساءْ
هنيئاً إذا ما وطأت الهناءْ , وقلدكَ المُخْلَصونَ بباقاتِهم وأنوارهم
في رحاب الضياءْ أيا خالد الذكر قبِّل جبين النبي وكفيْ علي وخدَّ الزكي وأوصيكَ أوصيكَ نحرَ الحسينْ
وقدم سلاماً على طبقٍ من ولاءٍ إلى فاطمة لأنا كما أنتَ نؤمنُ أنَّ لها كل شيءْ, لها جنة عرضها كعرض
السماوات لا تنتهي , مكانتها لا تُحدْ , سلِ الله حين تراها على هيئة النور تشفعُ لكْ وتشفعُ للمؤمنين بحقِّ أبيها ، بحق عليٍ بحقِّ الزكيِّ بحقِّ جنينٍ بزينبها الصابرة
بحقِّ أبي الفضلِ ذي القبة الباهرة بحق الحسين .. بحق الحسين