وداعا ابنتي
كانت معها كعاشقتين تتناغمان بدفء ، تقرأ في وجودهما قصيدة غزلية ترعشك معانيها ، تستظل بها من لظى الصحراء ، كلما رأيتهما تنبعث الحياة بداخلك كشلال من البنفسج ، ما أجمل هذه العلاقة ، فقلما تجد أما مع ابنتها تحملان نغم الحنان سيفونية ، هدوء يسكب الوجع راحة حيث كان أو يكون ، هي الحياة ديدنها الفراق ، لا تدري
هي .. في غفلة من العمر وذات ليلة ظلماء كاحلة المعاني اختطفها الغياب حيث كانت نائمة ، خرجت من الدار بلا يقظة كأن على رأسها الطير مس .. ذهبت إلى المجهول أو ربما إلى مرفئ اللا عودة .
استيقظت الأم مذهولة تبحث عن ابنتها لا تلوي إلى شيء غير الحسرة تتقاذفها بين أرواق حجرتها ، تصرخ بأعلى صوتها ، تنادي ، لا مجيب سوى العبرة المخنوقة بين قلبها ودمعها ..
أصبحت الدار خاوية البسمة ، جثم الأسى بثقله ينتزع البهجة كموت ..
تغيرت ملامح الأم التي أضنانها الفراق بغتة فصيرها بلا روح ، هي الآن تنسج دمعها سجادة ، تصلي لربها بقلب مكسور ، تلتحف بالدعاء أنين المستوحشين في الظلم ..