وريقات الشجر !!
نقفُ أنا و أنتَ و أنتِ و هو و هي أمام المرآة بشكلٍ يومي لأغراضٍ عديدةٍ ، و قد نطيل الوقوف أمام تلك المرآة ، خاصة عندما نكون على موعدٍ مهمٍ ، أو عندما ننوي الذهاب لمناسبةٍ اجتماعيةٍ تستدعي الظهور بهندامٍ جيّدٍ كالأفراح و الاحتفالات. فنلبسُ أفخر ما على الحبل من الثياب ، و نتعطّر بأزكى ما على الرَفّ من العطور ، و عندما نطمأن أن كل شيءٍ على ما يُرام ، نستعد للإقلاع من أمام المرآة ، و لكن لحظة ، قبل توديع المرآة ، فلنتأمل وجوهنا قليلاً ، فقد تكون تلك الوجوه هي بوابة الولوج إلى النفوس . أنت يا صاحب هذا الوجه الجميل ، و الهندام الأنيق و الريح الزكي ، هل أنت من الداخل كما أنت من الخارج ؟!.. هل روحك أنيقة كما هو شكلك ، و هل أعمالك زكية كما هي رائحتك ؟!
داخل أحد المطاعم التي تُقدّم البوفيه المفتوح ، يقف رجلٌ بطبقه عند أصناف الأكل العديدة ، فأخذ يضع في صحنه ما تشتهي نفسه بتقنين ، فتناثرت بعض حبّات الأرز على الأرض ، فإنخفض كي يلتقطها احتراماً للنعمة ، فجاءه أحد العمّال الآسيويين الذين يعملون في المطعم عارضاً عليه المساعدة دون أن يعلم عن سبب انخفاضه للأرض ، فعندما شرح له أنه انخفض فقط كي يقوم بهذا العمل ، ابتسم العامل الآسيوي ، و أخبر هذا الرجل أنهم يرمون في حاويات القمامة و بشكلٍ يومي أرطالاً هائلةً من بقايا طعام العائلات التي تكنزه في عيونها قبل صحونها بما يفوق استيعاب بطونها ، و في النهاية ، يأكلون ما لا يُذكر من تلك الصحون المكنوزة ، و البقية يُرمى في بطون حاويات القمامة ، بينما هناك دول تعاني الجوع الذي أباد شعوبها . فلنتقِ الله ، و لنحاسب أنفسنا قبل أن نُحاسَب ، و لنعلم أنها لو دامت لغيرنا لما اتصلت إلينا .
لا نُغمض جفوننا إلا بعد إقفال أبواب المنزل قبل النوم ، و لا تطمأن قلوبنا إلا بعد إقفال أبواب السيارة قبل تركها ، و لا تستكين نفوسنا إلا بعد إقفال أدراج المكتب قبل الرحيل منه . هل نستطيع ترك المحفظة أو الجوال على طاولة المطعم ريثما نذهب لغسيل أيادينا ثم نعود ؟!.. هل يستطيع أصحاب المحالّ التجارية ترك أبواب محالهم مفتوحة عند انتهاء وقت العمل ؟!.. هل نستطيع أن نودع نقودنا عند أي شخص ؟؟.. و هل نستأمن أهلينا مع أي شخص ؟!.
لِمَ أنشأت السجون ؟!.. و لِم سُنَّت العوقبات و الجزاءات ؟!.. و لِمَ أُختُرِعت الأسلحة ؟! و لِمَ أُوجِدت فنون القتال و الدفاع عن النفس ؟!
أسألة كثيرة أظن أن إجابتها واحدة و هي : لو تحلى كل البشر بالفضيلة لما احتجنا لكل ذلك .
جربتُ أشياءً كثيرةً طيلة حياتي ، البعض منها سيء و البعض منها حسن ، البعض منها نافع و البعض ضار ، و لكن تبقى (( صَدَقة الصباح )) من أروع الأشياء التي جرّبتها ، و التي كان لها تأثيراً رائعاً في يومي كاملاً و في حياتي مجملاً . فلنبدأ يومنا بريال صدقة و لنرى الفرق .