ما أفسده الدهر لا يصلحه العطار يا وزارة الشئون الإسلامية

حكت لي جدتي ذات مساء عن حكاية كانت لجدي الذي مات ولم أراه، كان جدي يمتلك مستودعاً لتخزين حبات العدس، كان يضع العدس في أكياس من الخيش.

وكان يقوم بتخزينها في المستودع الذي يملكه، كما انه استأجر حارساً لحراسة المخزون، فالعدس كان ثمين، وفي يوم من الأيام بينما الحارس كان يؤدي واجبه، لمح أن شيء ما صغير جداً كان يتحرك على كيس من بين أكياس العدس، كان الكيس بعيد نوع ما عن بقية الأكياس.

حثه فضوله أن يقترب منه لينظر ما ذلك الشيء الذي كان يتحرك حول الكيس، وحين اقترب اكتشف أن بضع من السوس كان يدب عليه، فما كان من الحارس إلا أن تصر تصرف اللا حكيم، واخذ الكيس وقربه من بقية الأكياس.

فانتشر السوس سريعا واخذ ينخر وينخر في حبات العدس، حتى أتى على اغلبها، ومن لم ينخره السوس أفسدته رائحة النتنة، بينما كانت جدتي تحكي لي الحكاية خطر في بالي سؤال وماذا فعل جدي بعدها بأكياس العدس؟

لكن جدتي فاجأتني بالسؤال قبل أن اسألها إياه، وكأنها كانت تعلم بما كان يدور في خاطري، وهل تعلم يا بني ماذا فعل جدك بعدها بالعدس؟ وأنا طبعا لا اعلم.

قام جدك بتفريغ الأكياس من العدس، وكبه في مكان بعيد عن المستودع، واحرقه واحرق الأكياس معه، حتى لا ينتشر من جديد في مستودعه ومستودعات الجيران، ونظف مستودعه وعقمه بمحلول كيماوي، وطلب من جيرانه كذلك، ومن جديد اشترى عدس وعبئه في أكياس، وخزنه في المستودع، ولم يكتفي بذلك وإنما سرح الحارس وبحث له عن حارس جديد يكون أأمن من الذي قبله.

هكذا يجب أن يكون رد الفعل اتجاه خطباء المساجد يا وزارة الشئون الإسلامية، فالمريض بسرطان الدم بعد أن يستفحل فيه المرض يستحيل أن تستجيب خلاياه للعلاج بالكيماوي إلا بمعجزة من الله العظيم، فتوجيه خطباء المساجد من قبل الوزارة بالدعاء على داعش على أنها فرقة ضالة ليس هو الحل، لأنني اجزم أن 99.9% من الخطباء سيستخدمون التقية التي كانوا يستشكلون ويعايرون بها غيرهم من الفرق الإسلامية، وحتما سيقومون بالدعاء على هؤلاء المجرمين عبر مكبرات الصوت في المساجد كما طلب منهم دون تردد.

ولكنه ظاهراً فقط فباطنهم يخفي عكس ذلك «أنا لا اعلم ببواطن الناس ولكن الشمس لا يحجبها غربال» ويرفض الدعاء ليس لان داعش وغيرها فرقة ضالة، وإنما الخوف الذي جثم على صدورهم، فأين تلك الأصوات النشاز التي كانت تحرض على الإرهاب باسم الجهاد من خطباء المنابر في المساجد وعلناً بعد أن شمرت عن سواعدها الداخلية، وقامت بإيقاف كل من يمارس إرهابه في سوريا وغيرها من الدول الأخرى تحت مسمى الجهاد بمجرد أن يعود إلى البلاد.

الحل يا وزارة الشئون الإسلامية ليس التوجيه وإنما استبدال الخطباء بخطباء أكثر وعي، وأكثر ثقافة وأكثر نضج، خطباء قادرين على نشر ثقافة التسامح والتعايش بين أبناء البشر على أنهم بشر مثلهم، خطباء قادرين على ثقافة توجيه الشباب إلى طريق سليم، إلى طريق كيف ننمي هذه البلاد الغني بالمال.

لا ثقافة التخلف والرجعية وخلافة الدولة الإسلامية التي بُنيت في مفهومه الخاطئ، لا ثقافة إفراغ البلاد من الشباب تحت مسمى الجهاد، لا ثقافة الكره والتحريض على كل من يخالفهم الرأي أي كان توجهه، هذا هو الحل وان كان علاج المشكلة بالاستبدال صعبا فعليكم بعلاج اخف منه تكلفه، وهو الإِبعاد المؤقت وإعادة التأهيل من جديد، رغم إن هذا العلاج اثبت مع مرور الأيام من خلال تجربته عدم منفعته.