ما ليس للحسين لا يحق لنا استخدامه في ما يخص الحسين

نظرة سريعة وخاطفة قد يرى البعض إنني انظر إليها من ثقب ضيق، وقد يخاطبني البعض الآخر بنبرة استهزاء كون العاطفة هي المسيطر كما حدث ليّ في العام المنصرم عندما تحدث حول موضوع أنا أراه انه في غاية الأهمية، حينما خاطبت المجتمع عبر احد مواقع التواصل الاجتماعي أن ما ليس للحسين لا يحق لنا استخدامه في ما يخص الحسين، أن الحسين آية من الآيات التي تجلى فيها الله

وصورة من صور الجمال الرباني ذات الخُلق العالي والمستوى الرفيع ليس لكونه إمام معصوم منزهة عن الخطأ وفقط، بل لكونه تربى في حجر محمد بن عبد الله الذي ما أتى إلا ليتمم مكارم الأخلاق، فرسالة محمد هي الأخلاق الذي ورثها الحسين عنه كانت ومازالت براقة فيه وستبقى كذالك إلى ابد الآبدين.

إذ لم يسطر لنا التاريخ في صفحاته وبين طياته أن الحسين كان مُعتدي أو كان يتعدى على حق من حقوق الآخرين ولو برمش عين، فحتى في كربلاء رغم علمه المسبق بما يضمره القوم له ولعائلته وأنصاره لم يعتدي على احد منهم ولم يبدأهم بقتال رغم انه كان قادر منذُ البداية عندما حاصره الحر الرياحي، لكنه انتظر حتى يبدءوا هم بالقتال، ومن ثم دافع عن نفسه وأهله وأصحابه، ولم يكتفي بذلك بل خاطب القوم خطاب الناصح الخائف عليهم من الوقوع في الخطأ الجسيم، خوف من أن يدخلوا النار بسببه.

هذا هو الحسين وهذه هي أخلاقه التي يفترض أن نتخلق بها فضلا على أن نحافظ عليها اقلها في هذه الأيام التي هي أيامه، لذلك وجب علينا كوننا موالين ومحبين ومطيعين له أن نحافظ على تلك الصورة الجميلة دون خدش أو جرح، أن نحافظ عليها كما هي وكما رسمها الحسين بدمه

للعام الثالث على التوالي أرى تلك الرايات السود، راية الحسين ترفرف عالية خفاقة في عنان السماء تبهج الناظر إليها من بعيد، ترفرف شامخةً لا يحجبها حاجز ولا جدار.

ترفرف من على قِمم أبراج شركات الاتصالات، فلو نظرنا لهذه الراية الخفاقة عالياً المنصوبة على البرج بالمنظور الشرعي بعيداً عن المنظور العاطفي لوجدنا أن الشرّع لا يجيز لنا فعل ذلك، لا يجيز لنا نصب الراية على البرج دون اخذ الإذن من أصحاب الشأن والموافقة، فالبرج يعتبر حق خاص لأشخاص خاصين وليس للحسين فيه شيء.

ونحن بهذا العمل نُعتبر قد تعدين على ذلك الحق الخاص، والذي نحن لا نجيزه على أنفسنا، لا نجيز أن يتعدى أحداً على حق من حقوقنا فضلاً عن لو كان ذلك الحق حق من حقوق الحسين.

إننا لا نقبل بل نرفض رفض قاطع وعلى استعداد تام أن نضحي بأنفسنا من اجل قطعة قماش تخص الحسين منصوبة على عمود ترفرف على منزل من منازلنا قد صدأ ذلك العمود وتغيرت ألوان تلك الراية نرفض مساسها والتعدي عليها من قِبل احد ما، فكيف نجيز لأنفسنا التعدي على الممتلكات الخاصة باسم الحسين؟