المسيرة الفكرية قراءة في مؤلفات الشيخ حسن الصفار
لم يكن مجرد عالم وعارف بالشأن الديني المحدود، ولا مقتصرا على ممارسته الدور التقليدي المألوف لعالم الدين، بل أخذ على مسؤوليته عملية النهوض والتغيير والانفتاح على تطورات العلم والحياة، والتحرر من ضيق الأفق والجمود الذي يعيشه الكثير من العلماء، فاندفع بحركته أشواطا بعيدة إلى الأمام رغم ما تعتريها من أزمات وتحديات، غير مبال بالمثبطات؛ ذلك لأنه ينطلق من رؤيته الخاصة حول دور عالم الدين، مؤمنا أن دور عالم الدين هو دور القيادة للأمة في مختلف مجالات الحياة وأن وظيفته هي رعاية شؤون المجتمع في جميع الجوانب عبر التواصل بكافة مستوياته، لذلك كان حسّه الاجتماعي والثقافي والديني حاضرا في كل محفل ونشاط طوال العام؛ حيث رعى وشجع وساهم في العديد من المؤسسات الاجتماعية والثقافية والفنية والدينية، وشارك في العديد من المحاضرات والندوات الموسمية على المستويين المجتمعي والوطني.
ولم يقف دوره ونشاطه عند حدود مجتمعه ومحيطه بل أخذ يتبنى الهمّ الإسلامي العام؛ حيث يدعو إلى العمل الإسلامي المشترك، وإلى مبدأ التعايش والسلم الاجتماعي الوطني والإسلامي، وبحث في تأصيل الوحدة الاجتماعية والوطنية، والحوار المذهبي، وهي حقيقة مرتكزات أساسية ينطلق بها في مشروع وطني حضاري نهضوي.
قصدت من كل ذلك علم من أعلام الفكر والدين وأحد أبرز دعاة التقريب بين المذاهب الإسلامية الذين كرسوا حياتهم في خدمة مجتمعهم وأمتهم ووطنهم. إنه سماحة الشيخ حسن موسى الصفار صاحب المسيرة المعطاءة في مجتمعه ووطنه وأمته. كان من الواجب علينا أن لا نترك هذه المسيرة دون أن نوثق لها ولبقية علماء المنطقة والوطن، لكي نستلهم من عطائهم ومعارفهم العزيمة والإرادة في حراكنا الإصلاحي والنهضوي.
يشير حسين منصور الشيخ في مفتتح كتابه " المسيرة الفكرية قراءة في مؤلفات الشيخ حسن الصفار" في طبعته الأولى الذي أراد من خلاله أن يوثق جانبا من مسيرة المفكر الإسلامي حسن موسى الصفار خاصة فيما يتعلق بجانب التأليف بقوله: " ولعل أبرز ما يميز هذه التجربة. التي تمتد لأكثر من ثلاثين سنة. أنه لم يكتف بالبحث حول اهم المشكلات الاجتماعية والثقافية المحلية والإسلامية في جانبها العملي، بل حرص على تدوين خلاصة تجربته الفكرية والنضالية والعلمية عبر مؤلفاته التي أربت على مئة مؤلف، تمثل الخلفية النظرية والفكرية لعمله السياسي والاجتماعي والثقافي طوال هذه المدة الزمنية، سواء في مرحلة المعارضة في الخارج، أو بعد رجوعه واستقراره في وطنه".
ويضيف: " إنها تجربة غنية جدا، وثرّة بالعطاء المعرفي والثقافي الموجّه، فإنه في الوقت الذي ينشغل الدعاة والمصلحون بالعمل الاجتماعي والسياسي والدعوي عن شؤون الكتابة والتاليف والتوثيق، نجد سماحة الشيخ حسن الصفار وفق أيما توفيق في الجمع بين التحصيل العلمي، والعمل الجهادي، والاصلاح الاجتماعي، وممارسة الدور الإرشادي الدعوي، كما وفق مع هذه جميعا. إلى التأليف والبحث العلمي".
ثم يوضح المؤلف أن" هذا الكتاب يضم بين دفتيه نبذة تعريفية مختصرة عن جميع مؤلفاته أو ما تمكنا من الحصول عليه منها، فبعض المؤلفات بسبب البعد الزمني بين تأليفها ووقت إعداد هذا الكتاب. لم نتمكن من العثور عليها، فكتفينا بما تمكنا من الحصول عليه، لئلا تعد الفائدة".
في الكتاب يحاول المؤلف تصنيف مؤلفات الشيخ الصفار التي تأتي معظمها في خدمة مشروعه الإصلاحي والدعوي إلى المسارات التالية:
أ- قراءة التراث والاستهداء به.
ب- الإصلاح الاجتماعي الداخلي.
ج - معالجة هموم الأمة.
د - معالجة الهمّ الوطني.
هـ - الاهتمام بالتربية الروحية والشخصية.
و - التأصيل الفكري لقضايا العصر.
ز - دراسة الشخصيات الإسلامية.
2 - مؤلفات الشيخ بين الأصالة والمعاصرة.
يرى المؤلف أن سماحة الشيخ حسن الصفار من الكتاب الذين لهم أسلوب ونمط خاص في تناول المادة العلمية لأي مؤلَّف من مؤلفاته، وعندما نطالعها نراها تتوفر على مميزات كثيرة، نذكر هنا بعضها:
أ - معالجتها لقضايا العصر.
ب - التأصيل الشرعي والديني.
جـ - انسجامها مع مشروعه الإصلاحي.
دـ المواءمة بين الأصالة والمعاصرة.
هـ - شمولية الخطاب ومقبوليته.
و - تحسس مواطن الخلل على المستوى المحلي والوطني والإسلامي.
الكتاب تحتوي قائمته على «113» مؤلفا لسماحته، وقد رتبها المؤلف ترتيبا موضوعيا، ومن ثم ألفبائيا داخل كل مجموعة لسهولة الرجوع لها.
وقد سردها المؤلف بالشكل التالي:
1 - في الفكر والثقافة الإسلامية.
2 - بحوث فقهية.
3 - سيرة النبي وأهل البيت .
4 - شخصيات وتراجم.
5 - دراسات اجتماعية.
6 - المرأة والشباب.
7 - في التربية والأخلاق.
8 - في الثقافة السياسية.
هذا الكتاب " المسيرة الفكرية قراءة في مؤلفات الشيخ حسن الصفار" يستحق أن يُقرأ من كل إنسان ليعرف حقيقة هذه الشخصية الإنسانية الرائدة في العمل الحضاري، ويستلهم من تجربته العزيمة والإرادة في التغيير والإصلاح.