«يتيم من غرفة الولادة » الحلقة الرابعة
مضت الأيام والأسابيع الأخيرة بطيئة وزهراء تعدها على أصابعها يومًا بعد آخر وتتحسس بطنها الذي يسكن فيه ولد يكبر اسمه علي.
سأرضعك من صدري لن اشتري لك الحليب مثلما تفعل أختي.. سأحملك بيدي وسأضمك إلى صدري وأنت تصيح بين ذراعي وترضع من ثديي بالحنان والغذاء وتتربى في ظل والدك زهير.
آه منك يا علي لقد أتعبتني بلكماتك، كيف ستكون يا علي؟..أتشبهني؟ أم ستشبه أباك؟ ستبرني أم ستبر أباك.. أم ستجمع بيننا؟ أنا في انتظارك لقد قربت ساعة اللقاء وساعة الخروج من البطن تعال يا علي لكي تدخل عليَّ السرور وتفرح قلب أبيك انه ينتظرك ويعد الأيام لقدومك.
أحبك يا ولدي لأن اسمك علي ولأن أباك زهير الذي لم يُقصر معي ساعة واحدة ولم يتركني ساعة وقد وعدني بأن يحبك ويحبني .. تعال فأمك بانتظارك.
رنَّ جرس الباب وقطع على زهراء حبل خيالها وأفكارها فقامت لفتحه وبطنها يتمايل بين اليمين والشمال لقد قربت ساعة النهاية.
من بالباب؟.
أنا زهير افتحي الباب.
مساء الخير يا أم عليَّ.
لقد قتلني ابنك وأتعبني وأشعر بدوار.. خلاص.. قُل لابنكُ أن يخرج من بطني.. لقد قتلني.
لقد جئتك بهدية.
لي أم لابنك؟.
لا لكِ.
وما هي؟.
لن أخبركِ قبل أن نتناول وجبة العشاء.
زهير أنا تعبت وأحس بأن ظهري سينكسر من ولدك وأنفاسي تكاد لا تخرج من (مناخيري) .
ضحك من كلامها وقال: من الممكن أن يكون في بطنك (توم) بنت وولد علي وبتول!.
ضربته على كتفه وقالت حرام عليك.. فال الله ولا فالك حتى أموت.. ولد واحد زيادة عليَّ.
أولاً أخبركِ بأنني أخذت إجازة من يومِ غدٍ لكي أكون بجانبكِ وقريبًا منكِ، وثانيًا هذهِ هديتي.
ما بهذه العلبة؟.
لا لن أخبرك فأنت صاحبة المفاجأة.
فتحت زهراء العلبة وقالت: الله إنه طقم جميل أشكرك يا حبيبي.
حضنته إلى صدرها وقالت: سألبسه لكَ يا حبيبي بعد خروجي من المستشفى.
أرجو أن تلبسيه اليوم.
لا لن ألبسه قبل يوم الولادة.
براحتكِ لكني أحبُ أن أرهُ عليكِ.
كم بقي على يوم الولادة.
أسبوع أو عشرة أيام وتصبح أبا لعليٌّ بحقٍ وحقيقة يا زهير لكن أرجوك وأوصيك أن تهتم بولدي فإني خائفة عليه وعندي شعور غريب منذ أن حملت به!!.
ماذا تقولين وما هذا الكلام؟ أعدك سأهتم به وسأربيه بطريقةٍ يكون أفضل من أبيهِ.
تثاقلت الأيام الأخيرة وبدأت تطول وكأنها أشهر توقفت فيها عقارب الساعة وبدأت زهراء تشعر بأعراض الولادة وتخبر زوجها بما تشعر به وتشك بنزول الماء الأبيض الذي يسبق ساعة الولادة.
بعد منتصف الليل لليلة الأحد في تاريخ 11/7/1977م مدت زهراء يدها إلى زوجها زهير وكان غارقا في النوم قائلة بصوت يعصره الألم أجلس فإنني شعرت بنزول الماء واشعر بالضغط الشديد أسفل البطن.
جلس زهير سريعَا وتوجه لملابسه وقال: استعدي سأحضر لك السيارة.
أسرع فإنني اشعرُ بضغط قوي في أسفل البطن.
انطلق زهير بسيارته بهدوء خائف على ما تحمله زهراء في بطنها يقطع الطريق من منزله إلى المستشفى وزهراء تصرخ من أعماقها ويدها على بطنها.. آه ه آهههه أرجوك ضاعف سرعتك يا زهير فإنني اشعر بأنني سأموت.. أسرع أرجوك!! ابنك سيسقط من بطني في السيارة.
تحملي بقى علينا القليل وسنصل المستشفى.
أرجوك ارحمني ما عدت أتحمل المزيد.. آآآه ه ه ه.
زهير أريد أن تكون أمي بجانبي!.
أنا معاك يا زهراء سأقف بجانبك تحملي لن أذهب قبل أن أراك تضحكين وبجانبك علي يصيح.
أرجوك اتصل بأمي وأخبرها فإنني أشعر بأنني سأموت من شدة الألم!! بطني يؤلمني بألم غير طبيعي.. آه ه ه.
أسرع يا زهير.. تعجل ! الألم يزداد ويتضاعف غير طبيعي.