كونوا نقّاد الكلام
كلمة أو خبر أعجبني وأنا أتصفح بعض الكتب، وأحببت التعليق عليه، وان كان سنده غير تام بحسب القواعد الرجالية، ولكن لا بأس بالأخذ بمضمونه لأنه لا يخالف المضامين العالية للروايات الشريفة من أهل بيت العصمة صلوات الله عليهم أجمعين، والخبر هو نقلا عن كتاب المحاسن لأحمد بن خالد البرقي رضوان الله تعالى عليه ج 1 ص229:
«عنه، عن علي بن عيسى القاساني، عن ابن مسعود الميسرى رفعه قال:
قال المسيح : خذوا الحق من أهل الباطل ولا تأخذوا الباطل من أهل الحق، كونوا نقاد الكلام فكم من ضلالة زخرفت بآية من كتاب الله كما زخرف الدرهم من
نحاس بالفضة المموهة، النظر إلى ذلك سواء، والبصراء به خبراء».
لو تأملنا قليلا في الشطر الثاني من هذا الكلام وهو: «ولا تأخذوا الباطل من أهل الحق...» لرأيناه ينطبق على كثير ممن يجيّرون بعض النصوص الشريفة لصالح توجهاتهم التي ربما تكون خلاف اما الموروث الصافي أو الشهرة بين العلماء، فيأخذ بليّ النص ويستشهد بآية أو رواية إما من دون النظر للآيات أخر أو روايات أخرى ربما تصلح شاهد جمع على خلاف ما يدعيه... أو يدلس على عوام الناس في تثبيت منهجه أو توجهه الذي لا يخلو من نقاش أو انحراف عن المذهب الحق.
ويتضح هذا المنهج جليا في بعض أصحاب المشاريع السياسية ومن يحمل مشاريع وتوجهات تقريبية وغيرها حيث تراه يتنازل عن بعض الثوابت والنصوص الجلية أو يلوي بعضها لتتماشى مع فكرته وتوجهه...
ولسنا بصدد الدخول في نيته أو غرضه من ذلك، التي ربما تكون لحب الشهرة وكسب انظار الأخرين وتوجه العدسة عليه والتي يصطلح عليها ب «الكاريزما»، والسعي الحثيث لكي يصبح الرقم الأول «الكاريزمي» في التشيع كما سمعته من بعض، أجارنا الله وإياكم من هكذا نفسية، التي نقطع ونجزم أنها خلاف منهج أهل البيت بل خلاف سيرة العلماء الصلحاء الأتقياء في مثل هذه الأمور.
فهذه الكلمات القصيرة ترشدنا للتوقف حينما نسمع كلمة باطل وضلال ممن يكونوا من أهل الحق!!! فضلا عن أهل الباطل، فكم هي كلمة قصيرة جميلة: «كونوا نقاد الكلام فكم من ضلالة زخرفت بآية من كتاب الله كما زخرف الدرهم من نحاس بالفضة المموهة» والارشاد للتوقف قد يكون للنظر في تمحيص الفكرة والاستدلال على خلافها، وهذه من شأن العلماء وأهل الاختصاص، وقد يكون بالسؤال لمن هم أهل علم في نفس المجال وهذه وظيفة العوام من الناس، خصوصا لو كانت الفكرة واضحة الخلاف لمنهج أهل اليت أو خلاف الشهرة بين العلماء وما تبانى عليه أهل العلم من المحققين والمدققين.
نسأل الله تعالى أن يثبتنا على القول الحق واتباعه، ومجانبة أهل الباطل والضلال.
صالح المنيان، قم المقدسة.