إلى رئيس مجمع التقريب.. محسن الأراكي
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين، واللعن الدائم على أعدائهم وظالمي شيعتهم إلى قيام يوم الدين
حين تطالعنا وكالة أنباء التقريب المعنية بنشر ما يخدم التقريب بالتصريحات القذرة لرئيس مجمع التقريب بين المذاهب الإسلامية لَيؤكد لنا الضبابية التي تسير عليها هذه المؤسسة ومدى الخلل البنيوي في فكر هؤلاء الذين يدّعون تصديهم لمشروع الوحدة والتقارب بين المذاهب لما يبثوه من أفكار وتصريحات تهدد العلاقات والأواصر البينية بين أبناء مذهب أهل البيت ، بل ويضاعف مواقف الشك والريبة تجاه تلك الخطوات التي تتخذها بعنوان الوحدة بين المسلمين.
فقد طالعتنا الوكالة يوم أمس الاثنين 21 / ربيع الأول/ 1436هـ - 12/ يناير/ 2015م على صفحتها الفارسية في شبكة المعلومات بتصريحات يتقطر منها الحقد والضغينة لرئيس مجمع التقريب جاءت في حوار أجرته معه مجلة «عصر انديشة» الإيرانية حيث قال فيها «نحن لا نريد أن نقول أن السيد صادق الشيرازي عميل للانجليز، لكن نقول بأن الانجليز يجعلون منه الشخصية الأبرز عد الشيعة حاليا».
إن هذا التوصيف المهين لآية الله العظمى الصادق الشيرازي دام ظله يعد توهينا فاضحا لأحد كبار فقهاء الشيعة قد يأخذ المشهد الشيعي إلى واقع احتراب في العلاقات البينية الأمر الذي دفع جمع من علماء قم وتحديدا من طلاب آية الله العظمى الوحيد الخراساني دام ظله لبعث رسالة عاجلة ومفتوحة للسيد الخامنئي يطالبون فيها بإيقاف هذه الحملات التي توجه بين فينة وأخرى لمقامات مرجعية من قبل جهات رسمية وشبه رسمية تدعمها الحكومة.
إننا سنعتبر ما جاء على لسان محسن الاراكي من تصريحات مشينة يمثل الجهة العليا في إيران حتى يصدر منها ما يدين ويستنكر تلك التصريحات اللامسؤولة، لأن الشيعة الذين يكنون كل الإجلال والإكبار والإعظام لمراجعهم الأعلام، لن يقبلوا أي تعد سافر على رموزهم وأعلامهم.
إن ما جاء على لسان الأراكي في الوقت الذي يحمل اعترافا صريحا منه باتساع شعبية مرجعية الصادق الشيرازي وبالأخص في إيران، الأمر الذي أزعجه ومثل له قلقا جعله يخرج بتصريحاته المتشنجة تلك، فإن تلك التصريحات تعبر عن مدى الانزعاج الرسمي الذي بات لا يتسع لقبول الرأي الآخر وخاصة إذا ما صدر من مرجعية لها تاريخها في النضال لأجل الإسلام والحرية والحقوق وواجهت في سبيلها الاستعمار والأنظمة المستبدة.
فقد تميزت مرجعية الصادق الشيرازي دام ظله بالإضافة إلى الرؤية الدينية المتعلقة بالشعائر والعقائد التي طالما بشرت بها ودعت اليها، فإنها تحمل رؤية سياسية وحضارية للإسلام ذات صلة بالحريات والحقوق والنهوض الحضاري، ففي خطاباته الأخيرة - كمثال - تحدث سماحة آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي دام ظله عن الحريات السياسية وانتقد الوحشية التي تمارسها الأنظمة المنتصرة ضد فلول الأنظمة الساقطة وأبدى اعتراضه لسياسات القتل وسفك الدماء والقمع والاعتقال السياسي.
وانتقد بشكل واضح الاعتقال السياسي مؤكدا بان الإمام علي رغم الحروب التي استوعبت طوال فترة حكمه تقريبا وما أحدثته من اضطراب امني في دولته إلا انه لم يتخذ كل ذلك مبررا لسفك الدماء أو قمع المعارضة غير المسلحة أو حتى لاعتقال شخص واحد سياسيا، في إشارة تتضمن انتقادا واضحا للواقع السياسي والحقوقي الذي يعاني منه الشعب الإيراني اليوم باسم الإسلام.
تصريحات الاراكي بما يمثله من صفة رسمية ذات صلة بالولي الفقيه يمثل ذروة في المواقف الإيرانية تجاه المرجع الديني الصادق الشيرازي بعد سلسلة متراكمة من إجراءات التعبئة للشارع الإيراني ضد سماحته قامت بها قوات التعبئة «البسيج» والحرس الثوري والاستخبارات الإيرانية والإعلام الإيراني الورقي والشبكي، وفي مراكز علمية دينية وغير دينية، وخطب جمعة وغيرها من الوسائل التي تهدف إلى تشويه صورة سماحة الصادق الشيرازي لدى الرأي العام الإيراني كخط وقائي تقطع به طريق التواصل والتفاعل الشعبي مع سماحته وأطروحاته حتى ظهرت بعض تأثيرات هذه التعبئة في حركة شغب البسيج بتمزيقهم صور المرجع الشيرازي في زيارة الأربعين وتهجمهم على بعض مؤسساته، وما تفوه به احدهم في مقطع تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي يصف فيه الصادق الشيرازي بأنه «منافق» الا شاهدا واضحا على آثار تلك التعبئة القذرة.
إن كل ذلك ليشعرنا بالقلق تجاه ما قد يتعرض له سماحة آية الله العظمى الصادق الشيرازي من مخاطر في ظل تعبئة مستعرة تستهدف سماحته في الشارع الإيراني، خاصة وأنني كنت شاهدا لتلك الأحداث التي طالت آية الله العظمى المنتظري قدس سره بعد تصريحاته الشهيرة والتي على إثرها قامت مجاميع من قوات التعبئة بمسيرة استهلت بكلمات في المسجد الأعظم تصف ألمنتظري بأنه منافق وانه كالزبير الذي خان الولاية وما يمثله من خطر على الدولة والإسلام، وسارت المسيرة إلى بيت الشيخ ألمنتظري حتى انتهت باقتحام منزله ومقر تدريسه ومحاصرته، وبعدها جاء قرار الإقامة الجبرية عليه رحمه الله.