إضاءة أسرية - قل لها شكراً
من نافلة القول معرفتنا بأن الخدمة المنزلية من طبخ وتنظيف وغيرها ليست واجبة شرعاً على الزوجة، وإنما قيام الزوجة بهذه الأعمال من ذات نفسها، ومن باب تبادل الأدوار بينها وبين زوجها، ولأنها ترقب سعادة أسرتها فهي تقوم بكل ما يجلب السعادة لبيت الزوجية. لا يحق للزوج إجبار زوجته على القيام بالخدمة المنزلية.
وبالرغم من عدم وجوب الخدمة المنزلية على الزوجة إلا أن قيامها بذلك - فضلاً عما في ذلك من الأجر والثواب - يعمق المحبة والمودة بين الزوجين، كما يساعد على إنجاح الحياة الزوجية
ويذهب الفقهاء المعاصرون إلى أن الخدمة المنزلية ليس من واجبات الزوجة، بل هي من واجبات الزوج، أما ما هو متعارف عليه في مجتمعنا من قيام الزوجة بالخدمة المنزلية من طبخ وتنظيف وكنس.. وغير ذلك من مستلزمات خدمة المنزل فهو من المستحبات التي تثاب عليه الزوجة بالثواب الجزيل كما ورد في الروايات.
وهنا نورد بعض فتاوى المراجع على سبيل المثال لا الحصر:
يقول المرجع الديني السيد صادق الشيرازي دام ظله في الرد على السؤال التالي:
السؤال: هل يجب على المرأة أن تقوم بالأعمال المنزلية؟
الجواب: لا يجب عليها، الا اذا اشترط ذلك ضمن عقد موجب له او ما اشبه، وينبغي لها الاتفاق مع زوجها علما بان السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها كانت تقوم بالأعمال المنزلية، وكان الامام امير المؤمنين سلام الله عليه يقوم بالأعمال خارج المنزل وربما يساعدها في قضاء بعض اعمال المنزل وعليها المعاشرة بالمعروف وكذلك عليه، قال الله تعالى: «وعاشروهن بالمعروف». سورة النساء: الآية 19.. وقال سبحانه: «ولهن مثل الذي عليهن». سورة البقرة: الآية 228. «1»
وفي إجابة للمرجع الديني السيد السيستاني دام ظله حول السؤال التالي:
السؤال: عمل المرأة في بيت زوجها بالمتعارف من طبخ وكنس وما شاكل بلغت حد الشرط الإرتكازي بحيث لا يؤثر عدم الشرط الارتكازي في ثبوت الوجوب عليها؟
الجواب: إقدام الرجل على الزواج مع إرتكاز قيام المرأة بالأعمال المنزلية كلاً أو بعضاً في المجتمعات الشرقية جرياً على المتعارف والمعمول لا يحقق معنى الشرط لأنه يتقوّم بكون المنشأ هو الزوجية المقيدة بالتزام المرأة بالقيام بالأعمال المنزلية ولا يوجد مثل هذا التقييد فإن المتعارف قيام المرأة بهذه الأعمال عن طوع منها أو بتصور لزوم ذلك شرعاً أو عرفاً لا وفاء بالتزام فرضته على نفسها ضمن العقد. «2»
وهكذا بقية المراجع العظام تقريباً نفس المضمون لكل من تعرض لهذه المسألة منهم.
ولقد حث الدين الإسلامي الحنيف على استحباب خدمة الزوجة لزوجها وبين الثواب الجزيل والكثير لما تقوم به.
جاء عن النبي :
«ايما امرأة رفعت من بيت زوجها شيئاً من موضع إلى موضع تريد به صلاحاً إلا نظر اللَّه إليها ومن نظر اللَّه إليه. لم يعذّبه». «3»
وعن الإمام الباقر :
«ايما امرأة خدمت زوجها سبعة أيام أغلق اللَّه عنها سبعة أبواب النار وفتح لها ثمانية أبواب الجنة تدخل من أيّها شاءت». «4»
وعن الامام الكاظم :
«جهاد المرأة حسن التبعل». «5»
وفي الحديث المروي عن أهل البيت
«ما من امرأة تسقي زوجها شربة من ماء إلا كان خيراً لها من عبادة سنة صيام نهارها وقيام ليلها». «6»
والآن نسأل كيف نقابل خدمة الزوجة؟
أولا: قل لها شكراً
قل لها شكراً على كل ما تفعليه من أجل أسرتنا، فهي تحتاج للشعور بتقدير زوجها للجهود التي تبذلها في المنزل من طبخ وتنظيف والعناية بالأطفال وغير ذلك، فعبارات الشكر من الزوج تبعث الشعور بالراحة في نفس الزوجة بأن هناك من يقدر جهودها.
وشكر الزوج زوجته على ذلك من تمام عشرتها بالمعروف، ومن أسباب استدامة المودة والأنس بينهما.
ثانياً: رفع المعنويات
طبعاً لا يكفي شكر الزوجة على ما تفعله في المنزل لسعادة أسرتها، بل يجب على الزوج أن يرفع من معنوياتها من وقت لآخر بإعطائها جرعة من الثقة عبر القول إنها زوجة عظيمة وام مثالية لأطفاله.
ثالثاً: مشاركة ومساعدة الزوجة
ليس عيباً ولا نقصاً مشاركة ومساعد الزوج لزوجته في الخدمة المنزلية، بل يعتبر دافع لنشر روح المحبة ونشر ثقافة المسؤلية، ونشر روح التعاون بين الجانبين، وكذلك الكلام ينطبق على بقية أفراد الأسرة، فعندما ننشر ثقافة المشاركة والمساعدة في الأمور البيتية تصبح بعد مدة ممارسة عملية عند أفراد الأسرة.
ويكفيك شاهداً أيها الزوج الكريم ما جرى في بيت علي وفاطمة فهم القدوة الحسنة لنا في الحياة الدنيا حيث روي عن علي قوله:
«دخل علينا رسول اللَّه وفاطمة جالسة عند القدر وأنا أنقّي العدس، قال: يا أبا الحسن، قلت: لبّيك يا رسول اللَّه، قال: اسمع، وما أقول إلا ما أمر ربي، ما من رجل يعين امرأته في بيتها إلا كان له بكل شعرة على بدنه، عبادة سنة صيام نهارها وقيام ليلها، وأعطاه اللَّه من الثواب ما أعطاه اللَّه الصابرين، وداود النبي ويعقوب وعيسى ، يا علي من كان في خدمة عياله في البيت ولم يأنف، كتب اللَّه اسمه في ديوان الشهداء، وكتب اللَّه له بكل يوم وليلة ثواب ألف شهيد، وكتب له بكل قدم ثواب حجة وعمرة، وأعطاه اللَّه تعالى بكل عرق في جسده مدينة في الجنة. يا علي، ساعة في خدمة البيت، خير من عبادة ألف سنة، وألف حج، وألف عمرة، وخير من عتق ألف رقبة، وألف غزوة، وألف مريض عاده، وألف جمعة، وألف جنازة، وألف جائع يشبعهم، وألف عار يكسوهم، وألف فرس يوجهه في سبيل اللَّه، وخير له من ألف دينار يتصدق على المساكين، وخير له من أن يقرأ التوراة والإنجيل والزبور والفرقان، ومن ألف أسير اشتراها فأعتقها، وخير له من ألف بدنة يعطي للمساكين، ولا يخرج من الدنيا حتى يرى مكانه من الجنة. يا علي، من لم يأنف من خدمة العيال دخل الجنة بغير حساب، يا علي خدمة العيال كفارة للكبائر، ويطفىء غضب الرب، ومهور حور العين، ويزيد في الحسنات والدرجات، يا علي، لا يخدم العيال إلا صديق أو شهيد أو رجل يريد اللَّه به خير الدنيا والآخرة». «7»
ابدأ من الآن وقل لها شكراً لك يا أميرتي.