وراثة المؤسسات الدينية
عندما يموت اباك وينتقل من دار الفناء فبطبيعة الحال سترثه، وسيرثك ان سبقته انت الى عالم البقاء، هي سنة الله في خلقه، ان تترك الدنيا بما جمعت وما ادخرت وما صارعت من أجله، ولك الحق في المطالبة بحقك في ارث ابيك فهو جهاد سنين وحق من حقوقك المشروعة.
لكن ان يكون الحق «شخصي» في المؤسسات الدينية «مساجد وحسينيات» وأن يتوارثها الأبن من ابيه كابر عن كابر فهنا المشكلة الكبرى لأنها تحّول تلك المؤسسات من العمل المؤسساتي «العصري» الى العمل الفردي «التقليدي»، علماً بأن المجتمع فيه الكثير من الكوادر والكفاءات الخيرة التي تتسابق في عمل الخير وبناء المساجد وتبذل من المال والجهد الشيء الكثير جداً، وهدفهم ان يروا بأم اعينهم صرحاً دينياً يقام في مناطقهم ويخدم توجههم ويلبي طموحهم.
في بعض المناطق يتحول القيوم على الوقف الى طاغوت يريد ان يتفرد بالسلطة فيكون له الأمر والنهي وتكون له الكلمة الأولى، فلأنه سعى في استخراج التصريحات وعمل المخططات والأوراق اللازمة واصبح هو القيوم لذلك الوقف فعلى الآخرين ان يسيروا معه ويساعدوه في البناء وفقط، فهم دفعتهم الرغبة لبناء المسجد واقامة الصلاة، دون أن يعلموا ان له رغبات مكبوتة لان يكون «القيوم»
يبدا العمل الجاد وحالما ينتهي البناء تنكشف النوايا الحقيقية بعد اكتمال الهيكل مباشرة، ففي غفلة من الزمن اصبح ذلك المريض النفسي هو القيوم لهذا المسجد، فأصبح ذا سلطة وسطوة وذا كلمة، لقد فكر الجميع في الأرض مناسبة للمسجد لكنهم اغفلوا البحث عن نفسية مناسبة لأن تكون مسؤولة عن بيت من بيوت الله عز وجل.
اليوم نسمع الكثير من المشاكل بين القيوم والإدارة او المصلين أو الإمام او اللجان المنظمة، وكل المشاكل لا بد ان يكون القيوم طرفها العنيد، فهو يعتبر ان المسجد او الحسينية ملكه وتحت مسؤوليته امام الله والناس والقانون، مع انه لم ينفق على بناء المسجد من جيبه الخاص وانما جمع المال من أهل الخير والإحسان.
وإن قيل بأن المسجد تم بنائه من ماله الخاص فلا يجب ان يطلب أي مساعدة مادية من الناس لأنه يطلبها باسم الله وباسم الحسين، فلا يخدع الناس ولا ينسب أي مؤسسة الى الله والحسين وهو يريدها لنفسه، وحتى تعمل المؤسسات الدينية بشكل فاعل ومؤثر في المجتمع يجب ان تكون القوامة جماعية، من لجان فاعلة ومثقفة ومؤمنة، وأن لا تتحول القوامة لاعتبارات النسب وإنما للكفاءة والخبرة والورع والتقوى، وان يكون العمل في داخل المؤسسات الدينية بشكل لجان متخصصة من أهل الإيمان والمعرفة والخبرة، وان يتم تدوير القوامة من فترة الى اخرى، وان يكون للمصلين الدائمين رأي في اداء القيوم حتى يتنافس في ذلك المتنافسون.