اعطني الناي وغنّي!
كانت هذه كلمات للشاعر جبران خليل جبران، والتي غنتها فيروز، ولحنها نجيب حنكش، وليس موضوعي هنا الغناء والمقامات، كما انني لا اريد الدخول في جدل بشأن حرمة الغناء، انما لفت انتباهي وانا اتصفح اليوتيوب بعض الرجال الذين هم اقرب الى حيوانات «الغوريلا»، وهم يمارسون بعض غزواتهم على خشبات المسارح التي تقام عليها امسيات غنائية في بعض المهرجانات المخصصة للعوائل.
يقوم طرزان بالقفز على الخشبة المسرح والإمساك بذلك العود واخذه من يد العازف البائس، وتعلو اصوات التكبير وكأنهم قد دخلوا القدس فاتحين وهم في طريق التحرير، ومن ثم يكّسر ذلك العود بطريقة عنيفة، وعيون تملؤها الشرر، والذي يصيب النساء والاطفال بحالة من الرعب تبقى مترسخة في اذهانهم سنين عديدة.
هو يعتقد انه يحسن صنعاً! فهو يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وهو يهدي الجيل ويمنع الفاحشة والمعصية، بيد انه يرسخ في نفوسهم التمسك بتلك العادات بالإضافة الى كره الدّين والمتدينين الذين لم يعرفوا كيف يرشدوا الناس الى الخير ويدلوهم على الله بالحكمة والموعظة الحسنة.
ولو بحثت عن الكثير من حالات الانحراف سيكون سببها رجل متدين لم يعرف ان يوصل صورة الدين الجميل الى نفوس الصغار ولم يحببهم في الله سبحانه بشكل مقنع ومحبب لنفوسهم بأنه الجمال والخير المطلق وانما اعطاهم صورة بشعة ومخيفة عنه سبحانه، فشبوا وهم يكرهون ذلك الدين والقيم ويحقدون عليها، ومن الصور التي تنفر الناس من الدين عندما يدخل انسان ليس ملتزماً الى احد المساجد بدل ان يتلقاه الجميع بالبشر والترحاب، يقطب البعض في وجهه ويغمزونه بعيونهم مما يولد لديه شعوراً بالنفور والبحث عن بيئة اخرى تحتضنه وتقبل به.
من اشد الذنوب عند الله سبحانه ان تيأس الناس من رحمة الله سبحانه وتعالى او تطردهم من بابه خاصة واذا كان ذلك الرجل قد اقبل على الله عزو جل تائباً مستغفراً، قال الامام علي بن الحسين : أوحى الله تعالى إلى موسى: حببني إلى خلقي وحبب خلقي إلى، قال: يا رب كيف أفعل؟ قال: ذكرهم آلائي ونعمائي ليحبوني، فلإن ترد آبقا عن بابي، أو ضالا عن فنائي أفضل لك من عبادة مائة سنة بصيام نهارها، وقيام ليلها. قال موسى: ومن هذا العبد الآبق منك؟ قال: العاصي المتمرد.
وعن النبي الاعظم : « قالَ اللهُ عَزَّوجَلَّ لِداوودَ عليه السّلام: أحبِبني، وحَبِّبني إلى خَلقي. قالَ: يا رَبِّ، نَعَم أنَا اُحِبُّكَ، فَكَيفَ اُحَبِّبُكَ إلى خَلقِكَ؟ قالَ: اُذكُر أيادِيَّ عِندَهُم؛ فَإِنَّكَ إذا ذَكَرتَ لَهُم ذلِكَ أحَبّوني »