الهروب من الجحيم
تعرض بعض القنوات الفضائية ومواقع الانترنت بعض مشاهد حرائق الشقق السكنية المرتفعة، ويتعاطف الناس بطبيعتهم مع الأشخاص المحاصرين بالنيران وخاصة عندما يشاهدونهم يقفون على تلك النوافذ المرتفعة في حالة من الصدمة والحيرة فلا هم يستطيعون الخروج من الأبواب ولا هم يستطيعون القفز من الشبابيك العالية أو حتى البقاء طويلاً لأن السنة النار تلامس اجسادهم، ودخان الحرائق يكتم انفاسهم، وهنا يأتي الرهان على الوقت والانتظار لسيارات الإطفاء التي تمد لهم سلالم الخلاص من تلك المحنة، أو تضع بالونات ضخمة جداً للقفز عليها والنجاة من النيران.
ولو قسنا تلك الحالة التي يمر بها الإنسان على واقع المشاكل الأسرية التي تحدث بين الزوجين فإنها لن تكون بأقل منها قسوة وألماً، ولن تكون كذلك أقل خطورة في اتخاذ القرار المناسب للهروب من الجحيم، فعندما يكون الزوج أو الزوجة صعب المراس عنيف الطباع، يحاول احدهما اطفاء تلك النار او احتوائها في الغالب، فيستعين بأهل الخير للإصلاح بينهما وتقريب وجهات النظر.
أما عندما تستفحل تلك الحالة وتصبح الحياة صعبة جداً يحاول احدهما ان يهرب من نار شريكه وينزل بسلم الطلاق لينجو من القلق والمشاكل، وينفصل عن شريكة بهدوء ليبحث عن مستقبله بعيداً عنه، اما المصيبة الأكبر عندما لا يستطيع النزول لأي سبب كان، فيضطر الى القفز بعنف وهنا تتلقفه بعض الأيدي التي في الغالب ليست أمينة عليه فيرتمي في احضان الخيانة والعلاقات المحرمة.
الكثير لا يستطيع ان يتعامل مع المشاكل العائلية بحرفية، وحتى لو اطفأها لكنها تُبقى اثراً وجراحاً من الصعب ان تندمل، وعن الإمام الصادق : «لا غنى بالزوج عن ثلاثة أشياء فيما بينه وبين زوجته وهي الموافقة ليجتلب بها موافقتها ومحبتها وهواها، وحسن خلقه معها، واستعماله استمالة قلبها بالهيئة الحسنة في عينها، وتوسعته عليها.» وروي عنه ايضاً: «وَلَا غِنَى بِالزَّوْجَةِ فِيمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا الْمُوَافِقِ لَهَا عَنْ ثَلَاثِ خِصَالٍ وَهُنَّ: صِيَانَةُ نَفْسِهَا عَنْ كُلِّ دَنَسٍ: حَتَّى يَطْمَئِنَّ قَلْبُهُ إِلَى الثِّقَةِ بِهَا فِي حَالِ الْمَحْبُوبِ وَالْمَكْرُوهِ وَحِيَاطَتُهُ لِيَكُونَ ذَلِكَ عَاطِفاً عَلَيْهَا عِنْدَ زَلَّةٍ تَكُونُ مِنْهَا وَإِظْهَارُ الْعِشْقِ لَهُ بِالْخِلَابَةِ وَالْهَيْئَةِ الْحَسَنَةِ لَهَا فِي عَيْنِه»
تبقى المودة بين الزوجين ببقاء التفاهم والاحترام المتبادل وقبل كل ذلك بأن يتفهم الطرفان ظروف بعضهما البعض